الجزائري منذ أكثر من قرن. ومن هنا، فإنه يجب على الشعب الفرنسي، سواء شاء أو أبى، أن يدرك ذلك، وسيدركه غدا عندما تعلن له صحافته، وبالعناوين العريضة، توسع أعمال الإرهاب وانتقالها إلى فرنسا. وعندئذ سيعيش كل فرنسي على هاجس احتمال وقوعه ضحية الصراع التحرري التي يخوضه الجزائر وعندئذ أيضا سيضطرب مناخ الحرية الذي يعيشه كل فرنسي وسيشعر كل فرنسي بالمعاناة التي يعيشها أقرانه في الجزائر.
لقد مضت بي هذه الأفكار والتأملات إلى اتجاه لا أريده ولا أرغب في السير إليه، إنني أحب منطقة (الميناء القديم) وكنت أريد التوجه إليها، غير أني وصلت إلى الاتجاه المعاكس تماما من المدينة، وهو المكان المقابل للبحر والبعيد عنه واستدرت على عقبي، وعدت من حيث أتيت لقد كانت الحرارة اللاهبة تخنق الأنفاس. وانتابتني رغبة في خلع حذائي والسير وأنا عاري القدمين. وأخيرا، قررت التوقف عن التسكع وقد وصلت في سيري إلى أمام المبنى الذي أسكن فيه. فلماذا لا أدخل إلى المنزل وأنام على سريري؟ ولكن هل سأتمكن من النوم؟ إن هناك شيئا في داخلي أكثر قوة مما أصابني من التعب هو الذي يدفعني إلى البقاء خارج المنزل. ودقت ساعة محطة القطار معلنة الثانية صباحا. ولما لم يبق إلا ساعة من الزمن حتى يبرز الحدث العظيم، فقد شجعني ذلك على الانتظار، والمضي في التسكع.
بدأت منطقة (الميناء القديم) في الإقفار من روادها. وأخذت المقاهي في إسدال ستائرها وإقفال أبوابها تباعا. وكان هناك زوجان يجلسان على الأرض، يستمعان إلى المذياع الصغير - الترانزيستور- ويتناقشان بحدة في موضوع الحرائق التي اندلعت في المساء. ويظهر