للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فبدأت بمطاردتنا طوال ثلاثة أيام، ولما جاء اليوم الرابع، اتخذنا قرارنا بمغادرة الجبل، والهبوط إلى السهل، وشرعنا بتنفيذ القرار على الفور. فتجاوزنا الطريق العام (تلمسان - مغنيا) في الساعة الواحدة صباحا. وأمضينا الليل في (بني ميستير). وحوالي الساعة السادسة صباحا وصلتنا صرخات امرأة وهي ترسل نداء الاستغاثة، فأصابنا نوع من القلق، غير أن مضيفنا، صاحب البيت الذي قبل إيواءنا، طمأننا بقوله إن هذه المرأة هي قريبة له، أصابها مس من الجنون - لما عاينته من الأهوال التي لم تقدر على احتمالها -. وفي اليوم التالي، أخبرنا عامل الاتصال بأن كافة المسؤولين عن المنطقة الأولى قد اسشتهدوا، أو وقعوا في الأسر - وباتوا في قبضة العدو -. ولم يبق على قيد الحياة أحد ممن اشتركوا في عملية حي (شعبة اليهودي) الواقع على بعد عشرة كيلومترات من (تلمسان). وإذن، فقد انتهت المنطقة الأولى، وانتهينا نحن معها، وبتنا ونحن في عزلة تامة عن كل اتصال، ولم يعد هناك مسؤول نرجع إليه. وبقي علينا الاعتماد على أنفسنا وعلى ما بقي في قبضتنا من ذخيرة قليلة. وقررنا على الفور القيام بمحاولة لتأمين الاتصال مع الجنود المعزولين - مثلنا - وإعادة تنظيم شبكة الاتصالات مع خلايا الناحية (الدوار). فتوجهنا في الساعة الثامنة من مساء يوم (٢ - كانون الأول - ديسمبر) نحو دوار يقع على بعد خمسة أو ستة كيلومترات من (ضايا). وأعد لنا رجال الدوار القهوة، وقبلوا استضافتنا لتلك الليلة. وفي الساعة السادسة صباحا، ذهبنا للاختباء في ملجأ يقع تحت الأرض (قبو). وقام الرجال في الساعة الثامنة بإخفاء كان أثر لنا عن طريق استخدام جرار (تراكتور) كما سدوا كافة الثقوب والفتحات، ومن هنا بدأت محنتنا، إذ لم تكد تأزف

<<  <  ج: ص:  >  >>