الساعة (١٦٠٠) حتى شعرنا بأنفاسنا تضيق حتى نكاد نختنق، وقررنا الخروج مفضلين الاشتباك في معركة مع العدو، والموت في القتال، من أن نموت مختنقين في قبو مظلم. وفي الساعة (١٨٠٠) جاء رجال الدوار للبحث عنا وإخراجنا، وفي الساعة (٢٠٠٠) كنا نسير على طريق (تلمسان) وأمضينا الليل في مسير شاق، ولكن لم يحدث شيء بفضل الله وعونه، فوصلنا في الفجر إلى دوار (فحولة) سالمين. ولما لم يكن أهل هذا الدوار قد تعرفوا من قبل على (المجاهدين) أو اتصلوا بهم اتصالا مباشرا، فقد أظهروا فرحتهم لرؤيتنا، واستقبلونا كما لو كنا ملائكة هبطت عليهم من السماء. وأقمنا بينهم أسبوعا، عملنا خلاله على تنظيم الدوار (الناحية) وتم اختيار شاب تميز بنشاطه وحماسته وخلقه القويم، وذلك ليكون مسؤولا عن تأمين الإتصالات بالخلايا التي تم تنظيمها، فكان يجمع لنا المعلومات عن العدو. وأعلمنا بعد ستة أيام عن قيام المجاهدين بإحراق أربع مزارع للإفرنسيين وأعوانهم، تقع بين (لامور يسير) و (الجسر الأيسر). وكم كانت سعادتنا لا توصف ونحن نعلم بوجود إخوان لنا في المنطقة.
قام المسؤول عن الاتصال مع المجاهدين (السيد الفلاح) بمرافقتنا بناء على طلبنا، إلى دوار يبتعد عن تلك المزارع الأربع التي تم إحراقها في الليل. ووصلنا إلى (الزقاق) وهو دوار هادىء وجميل، لم يصل إليه الجنود الفرنسيون أبدا. وابتهجنا إذ عرفنا هناك بوجود زمرة أخرى من المجاهدين، هي زمرة زيتونة المسؤول عن العمل في المنطقة). وتقابلنا في المساء حيث أمضينا الليل في مناقشة زمرتينا وموقفهما بعد مركة (شعبة اليهودي) التي دمرت الكتلة الرئيسية من قوتنا في المنطقة.