للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كل ليلة. وهي تنطلق من الدواوير (النواحي) المجاورة والقريبة.

وفي الصباح المبكر، تسير الهمسات والوشوشات من بيت إلى بيت لتنقل ما حدث: فهنا تم اعتقال (قدور) عند منتصف الليل، وهناك، تعرض (صلاح) للضرب والتعذيب، أمام زوجته الباكية وأطفاله المنتحبين، ثم اعتقلوه. وفي وسط هذا المناخ، قرر الشبان الأربعة الانضمام إلى المجاهدين، والسير على طريق الثورة. فهل كان حب المغامرة الذي يلازم هذه المرحلة من عمر الشباب هو الحافز الأقوى الذي دفعهم لاتخاذ قرارهم؟ أم هو حب الحرية والتعطش إليها كان حافزهم الأقوى؟

لقد كان الفلاحون في حقولهم يتهامسون بصوت خافت عن إمكانية الاتصال بالمجاهدين الذين ينتشرون في الجبال القريبة جدا. وعلى هذا تم تكليف (أحمد بوفان) بإجراء الاتصال مع الثوار، إذ كان يقطن في دوار منعزل، وكان عمه من مجاهدي جيش التحرير الوطني.

انتظر الشبان الأربعة طوال عشرة أيام، وكانت فترة انتظارهم كئيبة ومديدة. وأخيرا، أقبل اليوم العظيم، فقد أعلمهم (بوفان) أنه تم تحديد مكان الالتقاء - عند النهر الذي كان يحمل اسم، جيرمين -. واستعد الشبان الأربعة لهذا اللقاء، وهم حمدي - أكبرهم سنا، وأحمد مصراوي، وتومي، وأنا - مروان شايب -. وعلمنا أن اللقاء سيتم مع الموجه السياسي (سي جلالي) الذي كان سيقابلنا في كرم زيتون (سيدي بودروه) وذلك في الساعة (٢٣٠٠) تقريبا.

لقد جاء خبر اللقاء ليترك الشبان الأربعة في حالة من الدهشة والذهول، إذ أنهم سيتعرفون على واحد من هؤلاء المجاهدين

<<  <  ج: ص:  >  >>