للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأسطوريين، وسيكون باستطاعتهم التحدث إليه، ومصافحته، إنه شيء لا يكاد يصدق.

ولما كان الموعد في اليوم الثالث من رمضان، فقد تساءل الشبان عما يجب عليهم عمله: الاستمرار في الصيام أم الإفطار؟ غير أنه ما من أحد منهم تجرأ على اتخاذ القرار بانتهاك حرمة الشهر الفضيل. وأخيرا طرق الموضوع أكبرهم سنا (حمدي) وقال لهم: (تعرفون يا إخوتي أن الطريق شاق وطويل، وستكون مثقلين بما نحمله من المتاع، ولا بد لنا من الإفطار حتى نسد رمقنا بشيء من الطعام والماء). وعاد الجميع إلى منزل (حمدي) ودخلوه واحدا بعد الآخر، بفواصل زمنية، حتى لا يثير دخولهم انتباه أحد من الجوار. وكانت هناك مائدة في غرفة من الغرف، عليها الخبز والسردين وعلبة جبن. ونظر بعضهم إلى بعض بظرات الفزع قبل أن يفطروا. وعند أول لقمة شعر كل واحد منهم بغصة في حلقه، وتضخمت اللقمة حتى كادت تستعصي على البلع. وكانت عقارب الساعة تقترب من الخامسة مساء (١٧٠٠) عندما استعد الشبان الأربعة للخروج. ففي هذه الساعة تقفر الشوارع من السابلة، وعتمة الغروب تكاد تكون مظلمة، وانطلق الشبان واحدا بعد الآخر - من المنزل -. وسلكوا طريق المدينة الذي سيصل بهم إلى الجبل الواقع على بعد سبعة كيلومترات تقريبا. ولدى مرورهم بأحد منازل المدينة، وصلتهم ضحكات عائلة جلس أفرادها إلى طاولة الطعام؛ وأثار ذلك في قلوبهم شيئا من المشاعر المتناقضة - إذ كان سكان منازل المدينة من الأوروبيين -.

باتت الظلمة قاتمة، وهناك، على البعد موعدنا، حيث كتلة الجبل القاتمة، والتي يقع على منحدرها كرم أشجار الزيتون

.

<<  <  ج: ص:  >  >>