والتصق كل واحد منا بإخوانه، ونحن نتقدم بخطوات نشطة (والخوف يمسك بقلوبنا). ووصلنا إلى مكان الموعد - تحت الأشجار - وبوغتنا مباغتة لم نكن نتوقعها، فما من أحد ينتظر وصولنا! وكان لزاما أن (يكونوا) هنا. ولم نتمكن من إيجاد تفسير لهذا الحظ العاثر. وكان لا بد من اتخاذ قرار عاجل: ذلك أننا إذا بقينا هنا، فقد نقع في قبضة (الحركيين) الذين يقودهم (مراد) والذين اشتهروا في كل مكان بقوتهم ووحشيتهم. وسرعان ما تسلق كل واحد منا شجرة من الأشجار، ومكثنا ننتظر، ومرت نصف ساعة ونحن على ذلك، عندما ارتسم على خط الذرى، وبصورة مباغتة، هياكل متحركة تحمل بواريدها. وبلغ منا الخوف غايته فهل هؤلاء من المجاهدين الجنود أم هم من الحركيين - الأعداء -؟ وهل يجب أن ننزل إليهم من مخابئنا، أم يجب البقاء على الأشجار؟ .. ماذا نفعل؟ وكان لا بد من اتخاذ قرار فوري. فقفزت من على غصن شجرتي. وطلبت إلى الآخرين بألا يتحركوا عن أماكنهم. واتجهت نحو تلك الهياكل، وتوقفت على بعد خمسين مترا منها، وصحت بصوت قوي:
- من أنتم؟
- تونس، وأنت؟
- القمر!
كانت تلك هي كلمات التعارف المتفق عليها. وقفز قلبي من موضعه. وسمع إخواني الكلمات المتبادلة، فقفزوا على الأرض، وأحيط بنا من كل جانب. وطلب إلينا الجنود المجاهدون إعطاءهم معلومات عن أهلهم وأصدقائهم، وتناقشنا، وضحكنا، وأكلنا الكعك. وأعطانا (سي جلالي) قنبلتين يدويتين ومسدسا. وكلفنا