للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالماء مرات متتالية، وإعادة السؤال ذاته، والتزام الصمت من جانبي باستمرار. ولما أدركوا أن هذه الوسيلة لن تصل بهم الى ما يريدون. قرروا تغيير الأسلوب. وقال لي الرقيب: (قف أيها الخنزير، ستذوق الآن طعم الحلوى التي سنقدمها لك!).

وكان صوت الرقب يصلني وأنا في شبه إغماءة، إذ كان بطني المنتفخ بالماء يؤلمني، وكانت لدي رغبة بالتقيؤ، غير أنني لم أتمكن من ذلك. وكان الماء ينضح من كل مسام جلدي. وتم تثبيت أطراف السلك الكهربائي على رسغي، وفي فتحتي أنفي، وانتابني ألم مرعب وأنا أتلقى الصدمة الأولى من الشحنة الكهربائية، وسالت دموعي غزيرة على غير إرادة مني ... وكان لزاما علي الصمود قليلا في هذه اللحظة، وإلا فإنهم سيسمرون في تعذيبي طوال الليل؛ إنني أعرف طريقتهم؛ تعريض المشتبه به لصدمة عنيفة منذ اللحظات الأولى لتعذيبه حتى يتم تدميره: هكذا كان يقول لنا (سي جلالي) ويكررها على مسامعنا باستمرار. وقال لي الرقيب: - هل تعرف المغربي؟ ذلك الذي يعمل رئيسا للإمداد والتموين في (بورقيقة)؟ ...

وتظاهرت أنني: لا أسمع شيئا، ولا أرى شيئا، ولا أشعر بشيء. وأمام عنادي، قذفوا بي أرضا، وقدماي ويداي مثبتة بالقيود، وأقبل الحركي ليلهب جسدي بسوطه وهو يقول في: (هل تعترف أم لا؟) ودخل جندي ومعه كلب ضخم (بول دوغ). وتحفز الكلب للقفز على ضحيته، ثم قفز علي عندما أعطيت له الشارة بذلك، وشعرت بعظام رسغي تنسحق تحت فكيه، وانتابني ألم جنوني، وسيطر علي الغضب لعجزي عن المقاومة، وحاولت الدفاع عن نفسي، غير أنني لم أتمكن من ذلك، وأمسكني أحد

<<  <  ج: ص:  >  >>