للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رجال الدرك، وثبتني، حتى يتمكن الكلب من الهش في جسمي، بكامل حريته، ومن غير إزعاج. واستمرت اللعبة الجهنمية بوحشية تعجز الكلمات عن وصفها. وبدأ الدم يسيل من رسغي، ومن جراح قدمي حيث نهشني الكلب بأسنانه. ولم يعد يهمني شيء، وانتظرت الموت بفرحة كبيرة ...

وأخيرا، انتهت مرحلة تعذيبي لهذه الليلة، ووصلت آلامي إلى نهايتها. ورأى الرقيب بأن جلسة التعذيب قد استمرت من غير الوصول إلى النتيجة التي يرغبها. فأوقفني وقال لي: (ما عليك إلا الانتظار، غدا سنستأنف محادثتنا، وصدقني بأنك ستبوح بأسماء رفاقك الثوار - الفلاقة - واحدا بعد الآخر).

بذلت جهدا كبيرا حتى أستطيع البقاء واقفا على قدمي، ومضيت أسحب قدماي سحبا وأنا أسير عبر الساحة لأصل إلى زنزانتي. وبات باستطاعتي العيش مع آلامي بصمت، في وسط هذا السجن، ومع ظلمة الليل الحالكة. وقيدوني واقفا وأنا مثبت إلى الجدار. كان أنفي يؤلمني ألما لا يوصف، وكنت أشعر بعطش شديد، وإلى درجة لا تصدق، بالرغم من كل الماء الذي أرغموني على شربه وخلال اجتيازي للساحة. ناداني شاب اسمه (افرنسي) وقال لي: (خذ حذرك، لن نقفل عليك باب زنزانتك بالمفتاح، فلا تحاول الهرب، إذ أن رصاصنا سيصرعك على الفور).

أمضيت الليل واقفا، وأنا مقيد إلى حلق مثبت بالجدار. وكانت رسغاي المنتفختان تؤلماني أشد الألم وأقساه. ولشد ما كانت فرحتي عندما أقبل هذا العسكري ذاته في منتصف الليل، وعمل على فك قيودي، وإرخائها قليلا.

<<  <  ج: ص:  >  >>