استأنف الجلادون تعذيبي في الصباح المبكر، ولكن بقسوة تزيد كثيرا على ما عرفته: الماء، والكهرباء، والجلد بالسياط. وحدث شيء لا يمكن تصديقه لقد رفض الكلب الضخم - البول - ذوغ - رفضا قاطعا الانقضاض علي، بالرغم من كل الجهود التي بذلها العسكريون لدفعه نحوي. ويظهر أنه عقد معاهدة صداقة مع الثوار - الفلاقة. وإلا فلماذا امتنع الكلب عن عضي والنهش بلحمي؟ سر غريب! كنت أشعر بالجوع والعطش: وأصدر عميل - حركي - الأمر إلي بالخروج لتناول الطعام في الساحة، حيث كان يتناول الكلب طعامه - وهو نوع من الحساء - في طبق عميق. وقال لي (بما أنك والكلب من عائلة واحدة، فما عليك إلا أن تشاركه طعامه!). ودفعني برفسة من قدمه أوقعتني أرضا. ومددت يدي نحو الطبق، ونبح الكلب نباحا يصم الآذان، ففزعت وسحبت يدي بسرعة.
وعاد الحركي يقول:(أتأكل أم لا؟) وعدت قبسطت يدي المرتجفة من الخوف. وفي هذه المرة، انقضى الكلب الضخم - البول دوغ - فأمسك رصغي بين فكيه، وحاولت استخدام كل قوتي لانتزاع يدي والتخلص منه. وسال الدم غزيرا على يدي. وانفجرت ضحكات الجند من ورائي. ويظهر أن منظري كان كافيا للترفيه عنهم وتسليتهم - فأعادوني إلى زنزانتي - وبقيت في هذا الجحيم طوال ثلاثة عشر يوما. وجاء رقيب الدرك الذي استقبلني في بداية الأمر، فحملني في عربة خفيفة (جيب) إلى معسكر (شينو) في (بليده). وهناك، وجدت بقية الأخوة، وهم على حال مثل حالي.
أطلق الافرنسيون سراحنا في شهر كانون الأول - ديسمبر -