أمرا بالتوجه إلى ميدان، فوقعت هذه القوات بدورها في كمين - في ضواحي مقطع الحجارة الكلسية. وكان حظ القوات الاستعمارية هنا أفضل من حظ القوات السابقة، إذ تمكنت من المحافظة على مواقعها، ومنعت المجاهدين من جمع الأسلحة، ولكن خسائرها في الأرواح بقيت، بالرغم من ذلك، كبيرة وفادحة.
...
أصبح الوقت على الحد الفاصل بين الليل والنهار، فكان الشرق أقرب إلى ضوء النهار، في حين بقي الغرب أقرب إلى ظلمة الليل، ووصلت قوات دعم ضخمة من جهة (علي إيفيل) فاستؤنف الرمي في (تيزي - غمدان) بوتيرة متصاعدة. ووصلت في الوقت ذاته أربع طائرات من طراز (ت - ٦) مجهزة بمضخمات للصوت (مكبرات) حتى تثير ضجيجا مرعبا. وقال بعض الجنود من الذين اشتركوا في الحرب العالمية الثانية (١٩٣٩ - ١٩٤٥) بأن طائرة (ت - ٦) تهدر صاخبة مثلها كمثل طائرات (الشتوكا) الألمانية وكان ضوء النهار قد ارتفع ساطعا الآن، وامتد القتال على مسافة خمسة عشر كيلومترا من الشرق إلى الغرب.
كان بعض المدنيين والمسبلين قد انتشروا على قمة جبل (برشيش) وأمامهم، غير بعيد عنهم، تمركزت فصيلة مسلحة برشاش (برن) علاوة على البواريد الفردية. واقترب أحد مجاهدي الفصيلة من المدنيين، ونصحهم بمغادرة مركزهم، وقال لهم:(قد يكون من الأفضل لكم الخروج من هنا، إذ من المحتمل جدا أن يحاول جند العدو احتلال هذه القمة حتى يستطيع تطويق منطقة القتال). وقام هؤلاء المدنيون بتقديم الخبز والتين المجفف والزيت والماء وكل ما يحملونه من الطعام، لمجاهديهم البواسل، وهم