للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقرر رفع الحصار والعودة بقواته إلى قاعدته (بوهران) وبدأ بتنفيذ الانسحاب بعد عروب شمس يوم ٢٨ آب- أغسطس-. غير أن قادة المجاهدين قرروا عدم إتاحة الفرصة للإسبانيين للقيام بانسحاب منظم. فقاد (حسان خير الدين) قوات المسلمين المكونة من (١٥) ألف من المشاة و (٣) آلاف من الفرسان، وأخذ في مطاردة القوات الإسبانية خلال كل مرحلة من مراحل تحركها، وتضييق الخناق عليها باستمرار. وسيطر الذعر على القوات الإسبانية من جراء هذه المطاردة العنيفة. وحاول قائدها جمع الفارين من جيشه والقيام بهجوم مضاد لإيقاف مطاردة قوات المسلمين، غير أن جنوده كانوا يفكرون بالفرار أكثر من تفكيرهم بخوض المعركة. ولهذا كان الهجوم المضاد ضعيفا.

ولم تتمكن القوات الإسبانية من الوصول إلى وهران إلا بعد جهود مضنية. وأفاد (أبو زيان) من بقاء تلمسان دونما حامية تدافع عنها، فهاجمها برجاله واستولى عليها وأعاد حكمه إليها.

رجع (حسان) إلى عاصمته (الجزائر) واستقر فيها، وأخذ في الاستعداد لمتابعة الجهاد الداخلي من أجل بناء الجزائر وتوحيدها، ومن أجل تطوير أعمال الجهاد الخارجي ضد الأعداء. وكان هدفه الأول هو استعادة (تلمسان) وتحريرها من عميل الإسبانيين (أبازيان).

خلال هذه الفترة كان المغرب الأقصى (مراكش) يشهد تطورات حاسمة على أيدي (الأشراف السعديين) (١) الذين أخذوا


(١) هناك خلاف على أصل هؤلاء السعديين، فقد جاء في (الاستقصا لأخبار دول المغرب الأقصى) ما يلي: (إعلم أن هؤلاء السعديين كانوا يقولون أن أصل سلفهم من (ينبع النخل) من أرض الحجاز وأنهم أشراف من ولد محمد النفس الزكيه- رضي الله عنه- وإليه يرفعون نسبهم غير أن المولى محمد بن الشريف السجلماسي، أول ملوك العلويين، طعن في نسبهم،، وصرح بذلك في بعض رسائله التي وجهها إلى الشيخ بن زيدان وقال =

<<  <  ج: ص:  >  >>