تجري إلا حسب التعليمات الواردة من الأعلى، من القيادة، وفقا لبرنامج يتفق عليه داخل المنطقة، أو باتصال مع المناطق الأخرى التي يتكون منها الوطن الجزائري. وأما طاعة الأوامر، فهي أمر مفروغ منه، ولم أر طوال إقامتي في صحبة الجنود من استخدم القيود - الأغلال - إلا على سبيل المزاح. ولا يعني ذلك أنه لا توجد قوانين عسكرية يعمل بها جيش التحرير، بل على العكس من ذلك، فإنه باستطاعة أي جندي أن يشرح بصفة معقولة وطبيعية النظم التي يخضع لها جيش التحرير، ومما يدل على ذلك، أن الحكم بالإعدام، لم ينفذ إلا مرتين في كامل الولاية، لمدة سنة كاملة. وقد نفذ في المرة الأولى بسبب التعدي على حرمة امرأة. وقد حكي لي أن الجندي الذي تفذ حكم الإعدام كان يبكي عندما رماه بالرصاص. ومن ذلك الحين، صار كل مدني يستطيع أن يؤوي الجندي في نفس البيت الذي تنام فيه بناته من غير تحرز أو خوف. أما في المرة الثانية فقد نفذ على جندي أضاع سلاحه: إذ أن الجيش لا يسمح لأي كان أن يفرط في سلاحه، بل يوصيه بتخبئة سلاحه إن هو أصيب بجراح بالغة تمنعه من حمله.
هذا، ويتمتع جيش التحرير بمصالح مختلفة، مثل (مصلحة الصحة) فكل وحدة عسكرية تضم ممرضا قادرا على إخراج الرصاص من الجرحى. ولدى كل جهة، أو ناحية، أطباء يعالجون الجرحى والمرضى، ويقومون في الوقت ذاته بتدريب الممرضات والممرضين، ولا يهملون مع ذلك الأهالي بل يأتونهم بأدوية لا تتوافر لدى الجيش الفرنسي. ومن مهام الأطباء، فحص المتطوعين الجدد، واتخاذ القرار بقبولهم ورفضهم، حسب حالتهم الصحية.