للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كان مما لاحظته أثناء مقامي في المناطق التي زرتها: أن جنود جيش التحرير يحترمون بكل دقة قوانين الحرب، والدليل على ذلك، ما شهد به أسيران من الجيش الفرنسي التقيت بهما، فقالا: خرجنا من مراكزنا لنأتي بالماء على البغال، ولكننا وقعنا في كمين، فيئسنا من الحياة، واعتقدنا أننا لن نرى فرنسا أبد الدهر. واليوم وجدتهما يعيشان بين المجاهدين، ويأكلان مما يأكلون ويطالعان الصحف، ويبعثان بالرسائل إلى عائلتيهما. وقد أكد لي المسؤولين في تلك الناحية أنهم كلما أغاروا على قرية لتدميرها، بادروا قبل كل شيء إلى إبعاد المدنيين. وقد سمعت من أفواه جنود عديدين أن قائد وحدتهم، أمرهم في بعض الكمائن بإيقاف إطلاق النار عندما شاهد سيارة مدنية في وسط قافلة عسكرية، وقال لهم: (لا ترموا المدنيين! لا ترموا المدنيين!).

ثم إن جيش التحرير الوطني، يعلم يقينا، أنه جيش وطني يجاهد من أجل الحصول على السيادة الوطنية لبلاده، ولست ترى وحدة لا تحمل العلم الجزائري المحمول على طرف بندقية الجنود. وإن كل وحدة من وحدات جيش التحرير الوطني (بوهران) لتهتز طربا للانتصارات التي تحرزها وحدة أخرى في مناطق (قسنطينة أو الجزائر) وإنها لتتألم أيضا عندما تبلغها ما تتعرض له (قبائل الأوراس) من التعذيب الذي يسلطه عليها الفرنسيون، ذلك أن كل مجاهد من مجاهدي جيش التحرير يدرك أنه لا معنى لجهاده اليومي إلا داخل إطار الجهاد الذي يخوضه مجاهد آخر في الطرف الثاني من القطر الجزائري، ولذلك، يتابع كل مجاهد تفاصيل العمليات التي تقع في الجزائر - العاصمة - أو في بلاد القبائل الكبرى أو في جبال الأوراس. هذا وتعمل معظم

<<  <  ج: ص:  >  >>