ولهذا تجدنا نوصي المواطنين بالامتثال إلى عمليات - إعلان الولاء - التي تنظمها السلطات الفرنسية حتى لا يكونوا عرضة لقمع لا فائدة منه). وهذا ما جعل نظام الجبهة يختفي أحيانا في الظاهر فقط، في جهات كاملة، وبالعكس من ذلك، فإن الإدارة الفرنسية أصبحت معدومة في الواقع.
وهكذا، نرى السكان المدنيين يعيشون بصفة سرية في جزائر مستقلة، يديرها جزائريون وفقا لتجاربهم الخاصة، نعم، إن السلطات الاستعمارية لا زالت تفرض الضرائب على الأهالي في الجهات التي تتمركز فيها قواتها، ولكن سجلات الأحوال المدنية فارغة، إذ صار المواطنون يسجلون مواليدهم لدى الإدارة الجزائرية، ويحتكمون إلى محاكمهم الشعبية في جميع المنازعات المتعلقة بالأملاك والإرث والطلاق، الذي لم يعد فيه للزوج التصرف المطلق. كما أن الإدارة الجزائرية تحمع الضرائب، من غير أن تفرض على الأهالي مبالغ باهظة على نحو ما كان يفعله المستعمرون، فكل فرد يدفع ما هو مناسب لوضعه، حتى المعمرون الذين صاروا يعترفون بنفوذ إدارة الجبهة باتوا يقدمون الضرائب لجبهة التحرير الوطني. وتتحمل الإدارة الأهلية مقابل ذلك أعباء نفقات عائلات المجاهدين والمنفيين والمسجونين والمبعدين والشهداء من الجنود والمدنيين وحتى عائلات الخونة الذين أعدموا. وقد قضى جيش التحرير على أبغض ممثل الإدارة الاستعمارية مثل (الشنابط) و (القياد) الذين عوضوا بضباط الشؤون الأهلية. وإذا بقي قائد في منصبه من غير أن يستقيل، فذلك لأنه متفق مع الجبهة ومتعاون معها.
إن الجبهة منظمة شعبية، تضم في صفوفها كل مواطن، ولا