ترفض من صفوفها إلا أولئك الذين اشتهروا بتواطئهم مع الاستعمار، وهي قبل كل شيء منظمة الشعب التي تعمل لتحقيق التحرير الوطني، ولكل فرد منها مسؤوليته:(إذ إن الشعب هو العين التي يرى بها جيش التحرير، وإن جيش التحرير هو عمدة الشعب). هذا ما قاله لي أحد المجاهدين. وفعلا، فإن وحدات جيش التحرير لا تستطيع العيش بدون تأييد الأهالي لها، فهي تجد عندهم السلامة وحفظ أسرار التنقلات والمأوى والمأكل والمساعدة في تأدية العمليات الضخمة مثل تلك التي سمحت في صيف سنة ١٩٥٧ بقطع مائة كيلو متر من الأسلاك الشائكة وتدميرها في ليلة واحدة على الحدود المغربية ويشكل المواطنون، بالنسبة إلى جيش التحرير، جيشا آخر من العيون والحرس الذين يراقبون تحركات العدو، ويكشفون عملاء الاستعمار. فتجد مثلا الراعي الصغير الذي لا يتجاوز عمره الخمس سنوات، يرد على كل من يسأله عن حركات المجاهدين بقوله:(إني لا أعرف اللغة العربية) وهو يقول ذلك بالعربية، ثم يمضي لشأنه مرفوع الرأس. وقد تحدث في بعض الأحيان مناقشة بين العسكرين والمدنيين ولكن ذلك لا يؤدي إلى أي اصطدام بين الفريقين، إذ أن لكل منهما أن يحل مشاكله أمام الهيئة المشتركة من الجبهة والجيش. وتقوم الإدارة الجزائرية، باستمرار، بإدخال تطورات عميقة على نظام العيش في البوادي. وهي تكتفي في كل مرحلة، بتطبيق المباديء التي تسمح لها بتكتيل الشعب وتوجيهه نحو هدف واحد. وقد نجحت الجبهة في الوصول إلى هذا الهدف، إذ لم يعد هناك أثر للمنازعات التي كان يغذيها الاستعماريون، وأصبح باستطاعة المجاهد أن يأتي من جهة بعيدة ليأخذ مكانه في خيمة، أو تحت سقف، قبيلة أخرى، ويجلس بين أفرادها، وهو