جالس بين أهله وإخوانه، إنه جزائري. فكيف نسمي هذا الجهاد؟ ..
إننا نسميه (ظهور العدالة). إن هذه الحرب هي من نوع الحروب التي تنطوي على معنى أن الانتصار الذي سوف يتحقق، سيكون نتيجة انتصار قوة على أخرى، وسيكون خاتمة تطور وتحسن ثورة عسكرية وسياسية ومادية. والدليل على ذلك أن الثورة التي بدأ بها عشرات المجاهدين لا يمتلكون أكثر من بنادق للصيد. ولم تمض عليهم إلا سنة واحدة حتى صاروا آلافا من المجاهدين، يقاتلون بأسلحة عصرية، ويسيطرون على مناطق واسعة. ولم توجد قبل ذلك إلا بعض الخلايا الثورية السرية التي باتت بعد ذلك تشكل منظمة شعبية تقود الكفاح، وليست هذه النتائج كلها إلا مرحلة من مراحل الثورة. أما النتيجة الأخيرة، فسوف تظهر في المستقبل، وقد عبر عن ذلك مجاهد فلاح في هذه الكلمات:(لقد حرثنا الأرض، وبذرنا، وما تراه اليوم ليس إلا نبتة أولى، أما الحصاد فموعده الغد).
ولقد قضى الجزائريون وقتا طويلا لتحقيق وحدتهم، وهذه الوحدة الملموسة هي أساس قوتهم. وهذا ما عبر عنه فلاح مجاهد أيضا بقوله:(كان الشعب ينتظر بلهفة أكثر من لهفة الجائع الذي يترقب نضح الثمار حتى يسد بها رمقه). إن الاستعمار يمثل لنا سلسلة من المصائب التي حملها معه المعمرون والإدارة الفرنسية، ولم يكن لنا حول أمام هذه الإدارة سوى الرشوة نعطيها للموظفين كلما اضطررنا إليها. إني فقير الحال، ولست أملك إلا قطعة صغيرة من الأرض أحرثها وأعيش من زرعها. وكلما أقبل الشناء ذهبت إلى الغابة لأقطع شيئا من الحطب، وأصنع منه كمية من