الفحم، وإذا عثر علي حارس الغابة، فإنه يفتك مني الفحم والبغل، وحينئذ أجد نفسي مضطرا إلى شراء بغلتي ودفع غرامة مالية تتراوح بين الخمسين والمائة ألف فرنك، هكذا كنا نعيش. أما المعمر، فإنه لا يشبع من ضم أراض جديدة الى ممتلكاته وهو لا ينفك يحتال على الفلاحين البؤساء مثلي ليأخذ أراضيهم. وبما أنني أجهل
القراءة والكتابة، باللغتين العربية والفرنسية، فإنه تمكن من تغليطي ببعض الأوراق المزيفة، وهكذا سلبت مني أرضي. وبحثت عن أرض أستأجرها - أكتريها - ولكن الأرض باهظة الثمن ولم تبق لي إلا وسيلة واحدة أرتزق منها وهي العمل على الطرقات وتكسير الحجارة. وليس ذلك بالعمل السهل، إذ أن الشرط الأول لتحصل على هذا العمل هو دفع ألف فرنك إلى القائد هذا إن رضي بها وحتى ذلك العمل لم يدم طويلا، فاضطررت عندئذ إلى طلب العمل عند المعمر الذي افتك مني أرضي. والمعمر لا يدفع الأجور إلا حسب مشيئته. وإذا اشتكينا، فإنه يهددنا بالفصل عن العمل، أو يرمي بنا في السجن، وبذلك نضطر للخضوع لشروطه حتى لا تبقى عائلاتنا طعمة للجوع. وفي النهاية، لا يبقي لنا الاستعمار، وأجهزته من إداريين ومعمرين، إلا زوجاتنا وأولادنا.
وهذا ما كان يضطر الجزائريين إلى بيع أجسادهم عن طريق الانخراط في القوات الفرنسية العاملة في الهند الصينية. وهكذا فإن الاستعمار وأجهزته ومن يمثله باتوا في نظر الشعب:(أبغض مخلوقات الله على الأرض).
إن مجاهدي الجزائر لا يعتبرون في ثورتهم المشاكل المحلية فحسب، وإنما أصبحوا ينظرون إلى وطنهم بجميع ما يشتمل عليه من ثروات معدنية، وأرض خصبة وغابات رائعة، ولهذا فإنهم لا