يهدفون إلا لشيء واحد هو تحرير الوطن بكامله فهم مقتنعون بأن الاستقلال هو الضمان الوحيد لتمكين الشعب من السيطرة على توجيه مصيره. وكثيرا ما سمعت الجزائريين يؤكدون أن اليوم الذي يقبلون فيه إصلاحات (لاكوست) سيكون نهاية الحياة في الجزائر، إذ أن الشعب الجزائري يريد حكومة منبثقة عن الشعب تكون مسؤولة أمامه. وإذا ما أراد المعمرون البقاء في الجزائر، والعيش فيها، فما عليهم إلا أن يخضعوا لسلطة جزائرية. وأكد لي أحد المسؤولين موقف الثورة بقوله:
(إننا نحارب من أجل التحرير الوطني، وإن جهادنا لا يقوم على التعصب العرقي - العربي - ضد الأوروبيين، أو التعصب الإسلامي ضد المسيحيين).
وقد أكدت مشاهداتي ومحادثاتي صحة هذا التصريح. وما على (السيد سوستيل) إلا أن يزور الثوار إذا ما أراد أن يتحقق من وجود شبح (التعصب العربي). وإذا كان هناك تعصب فإن الفرنسيين هم السبب في تكوينه، إذ أن المجاهدين لم يكونوا أبدا لينشغلوا بظاهرة التعصب لولا العدوان الفرنسي. وليس أدل على عدم تعصب الجزائريين من معاملتهم للأسرى الفرنسيين معاملة طيبة، وكذلك فرار الجنود من الجيش الفرنسي، وهم يعلمون يقينا أن أفرادا أوروبيين، وحتى يهودا، يخوضون الحرب داخل إطار جبهة التحرير من أجل تحقيق هدف واحد. وإذا ما كان يجهل ذلك، فإنه سيجد من يخبره به، وكثيرا ما سمعتهم يقولون لبعضهم:(تذكر يا أخي، أن هناك أجانب يكافحون إلى جانبنا). وإذا تناقش المجاهدون في مسألة الإصلاح الزراعي، فإنهم يتفقون على أن ذلك مبدأ يجب على الحكومة الجزائرية أن تطبقه في