القضاء على الثورة. ومن المعروف أن المرحلة الأولى من هذا التكتيك كانت تتمثل في نظام التربيعات (الكادرياج). وهو نظام يتلخص بإقامة مراكز عسكرية متعددة في مختلف الجهات التي انتشرت فيها الثورة، والمقصود من تلك المراكز هو محاصرة تحركات جيش التحرير الوطني، وخنق الجهاز التنظيمي الذي تقوم عليه حياة جيش التحرير في المشاتي والقرى ومحاولة القضاء على جميع العناصر المدنية والعسكرية العاملة في الثورة.
وبعد فشل هذه المحاولة، لجأ العدو إلى أسلوب جديد هو أسلوب (التجمعات) الذي يتلخص بإجلاء السكان المدنيين عن المناطق التي تتمركز فيها الثورة، وجميعهم في مراكز قرب الجيش الفرنسي، ومهدوا لهذه العمليات بمسألتين، أولاهما: إعلان المناطق المحرمة التي تشمل ثلثي مساحة (الشمال القسنطيني). وثانيتهما: تنظيم عمليات مسح كبرى (راتيساج) لنقل المدنيين وإجلائهم بالقوة عن مساكنهم، وخلال هذه العمليات كان الجيش الفرنسي يقتل أو يحمل معه جميع الحيوانات التي يصادفها في طريقه، كما يدمر جميع مصادر الحياة. وقد اضطر الجيش الفرنسي إلى اتخاذ هذه الطريقة بعد أن سيطرت الثورة على مناطق شاسعة، أصبح هو عاجزا عن الدخول إليها، وكان مقصوده من ذلك هو عزل جيش التحرير عن السكان، وحرمانه من الاتصال بهم، ومن العون والمؤونة التي يجدها عندهم، ريثما يقضي الطيران شيئا فشيئا على جيش التحرير. وقد توهم العدو أنه بهذه الطريقة قد قسم الأرض تقسيما طبيعيا بفصله الجبال عن السهول. وتوهم أنه وضع بذلك حاجزا حصينا بين جيش التحرير والسكان. لكن الذي غاب عن الجيش الفرنسي هو أن جيش التحرير الوطني