موجود في كل مكان. وأنه رغم إقامة (المناطق المحرمة) فإنه لم ينقطع أبدا عن سيل المعلومات التي كان يحتاج إليها، كما أنه لم يفتأ، رغم التجمعات من البقاء على اتصال دائم بالسكان، بل لقد تبين للجيش الفرنسي أن هذه المناطق المحرمة أصبحت خطرا عليه أكثر مما هي لفائدته، فقد قطعت عليه الاتصال بالمناطق المحرمة، وانقطع عن التزود بالمعلومات عن تحركات جيش التحرير، إذ لم يعد في اسطاعته إرسال جواسيسه وأعوانه إلى مناطق الثورة (المحررة) للتزود منها بالمعلومات عن تنقلات قوات جيش التحرير ونشاطها. لقد أراد العدو فصل الثورة عن قاعدتها الشعبية، فكانت النتيجة أن أصيب هو بالعزلة التامة، ولم يعد يعرف شيئا عن نشاط جيش التحرير، وأصبح من جراء ذلك في خوف دائم من الهجمات المفاجئة والكمائن المباغتة.
أدرك قادة الجيش الفرنسي أنهم أصيبوا بخيبة أمل مريرة في الميدان العسكري. وكان شعورهم بالفشل قاسيا، فبحثوا لأنفسهم عن غطاء يسترون به هذه الهزيمة. فكان انقلاب (١٣ - أيار- مايو- ١٩٥٨) والذي أزال (الجمهورية الرابعة) وجاء جمهورية ديغول (الخامسة). وحاولوا تصوير هذا الانقلاب على شكل انتصار سياسي كبير. وقد كنا نتوقع حدوث مثل هذا الانقلاب، ليس فقط لأنه يمثل التطور الطبيعي للأحداث منذ (٦ شباط -فبراير - ١٩٥٨) حيث وقع العدوان على الحدود التونسية (حادثة ساقية سيدي يوسف). ولكن لأننا كنا بالإضافة إلى ذلك على علم بالاتصال القائم بين غلاة المستعمرين وبين قادة الجيش الفرنسي. وقد كان هدف غلاة الاستعمار هو تأكيد استعدادهم لقلب كل حكومة تفكر بالتفاوض مع جبهة التحرير الوطني. وقد بدأت هذه