الاتصالات قبل (١٣ أيار- مايو) بزمن طريل، حيث عرضوا على (الجنرال ماسو) أن يعمل معهم على إعداد الجهاز الذي ينفذ الانقلاب، فرفض، فهددوه بالقتل، فقبل وخضع لهم، وعرضوا المسألة ذاتها على (الجنرال سالان) فرفض بدوره ولذلك حاولوا اغتياله في (حادث البازوكا الشهير- في أول سنة ١٩٥٧). ورغم أن (سالان) لم يشترك معهم، فإن الاطارات العسكرية الكبيرة قد رضيت بهذا العمل لأن شعورها بمرارة الفشل العسكري جعلها تبحث، كما قلنا، عن تعويض لذلك، وتوجه مسؤولية خيبتها إلى الجهاز السياسي الفرنسي المتمثل في حكومات (الجمهورية الرابعة) والاستعداد لقلب هذا النظام (الفاسد) وهذا هو سر الالتحام الذي وقع في الماضي بين قادة الجيش الفرنسي وغلاة الاستعمار. كما أننا علمنا قبل (أيار مايو- ١٩٥٨) أن (جاك سوستيل) له ضلع كبير في تهيئة الانقلاب، وأنه ينوي الحضور إلى الجزائر لقيادته وتنفيذه.
لقد شعر الجنود الفرنسيون بعد (١٣ أيار - مايو) بفرحة كبيرة، وراحوا يرقصون ويغنون ويشربون. لقد توهموا أنها نهاية الحرب، وأنه لم يبق أمامهم إلا العودة إلى بلادهم وعائلاتهم وذلك طبيعي. لقد أفهمهم قادتهم أن حكومات الجمهورية الرابعة هي المسؤولة عن هزائمهم، وعن استمرار الثورة، فكان من البدهي أن يتصوروا قرب نهاية الحرب بعد أن أسقطت الجمهورية الرابعة، وتم إبعاد رجالها السياسيين. ولكن لم يروع الجنود الفرنسيين بمثل ما روعوا عندما تسلموا تعليمات جديدة تحذرهم من التمادي بالمرح، وتحثهم على مواجهة جيش التحرير الوطني مرة أخرى، فكانت خيبة أمل الجنود الفرنسيين عاملا جديدا زاد من تدهور