لقد استشهد في الفترة الأخيرة القائدان (عميروش - مارس -آذار- ١٩٥٩) و (حواس). وعلى اثر ذلك، انطلقت أبواق الدعاية الاستعمارية لتقول بأن غيابهما عن ساحة الصراع سيضعف الثورة في ولاية (قسنطينة). أو (الولاية الثانية). والحقيقة المعروفة هي أن ثورتنا ثورة شعبية، إنها لم تقم أبدا على الأشخاص بل هي ثورة يشارك الشعب كله في صنعها، ولذلك فهي لن تتوقف أبدا باستشهاد أحد أبطالها وقادتها. ولقد استشهد أبطال كثيرون، كان غيابهم عنا خسارة حقيقية لنا، لكن ذلك لم يؤثر أبدا على سير الجهاد، بل إن استشهاد كل واحد من القادة كان يزيد الآخرين حماسة للقيام بالواجب والجد في العمل طلبا لإحدى الحسنيين الشهادة أو النصر. ولا أدل على الطابع الشعبي الذي تتسم به ثورتنا، أننا لم نصطدم حتى الآن بأية مشكلة في تجنيد المجاهدين لدعم قوة جيش التحرير الوطني. مع العلم أننا لا نقبل إلا المتطوعين، وبشرط أن يكونوا قد عملوا في صفوف الثورة من قبل، وبشرط آخر هو أن يكون من المحال عليهم الاستمرار في البقاء ضمن المدن.
وإذن، فدع الفرنسيين في ثرثرتهم وهذيهم يغرقون، إذ أن الواقع الجبار بالجزائر أبلغ من كل دعاية، وهذا الواقع نحن الذين نمسك بزمامه، ونحن الذين نوجهه. أجل، إن جيش التحرير الوطني هو الذي يسيطر على الموقف بحق، وهو الذي يختار ميادين المعارك كما يريد هو لا كما يريد الجيش الفرنسي. وتلك هي الحقيقة في بساطتها التي لا تحتاج الى أي تنميق أو تزويق.