للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النساء والأطفال. وهؤلاء الضباط القضاة يعتبرون عملهم في المحاكم العسكرية - عندما يحاكمون أسراهم - هو استمرار لما يقومون به من أعمال الإبادة والتقتيل في البوادي والجبال والمدن.

إن القاضي الذي يحترم إنسانيته، يطلب الأدلة والبراهين، أما قضاة فرنسا فيكتفون باعترافات انتزعت تحت ظروف التعذيب الوحشي، أو بشهادات تفتقر كثيرا إلى الدقة والموضوعية وهي أقرب إلى الشك منها إلى اليقين. ولهذا تراهم يلفظون أحكامهم كأنها طلقات نارية يقذف بها رجل معتوه: (الأشغال الشاقة) (الإعدام) ...

لقد تعاون رجال فرنسا وقوانينها على أن يبرزوا محاكمة الجزائريين على شكل انتقام ساقط يغذيه حقد أعمى. وأمام انتشار الجهاد الوطني، صار قانون العقوبات الفرنسي غير كاف. فصدرت قوانين أخرى - خاصة - بهدف القضاء على الكفاح الوطني الجبار. وكانت أبرز ظاهرة تميزت بها التشريعات الفرنسية الصادرة هي (ظاهرة العنصرية البغيضة). فقد حرم شعب كامل من الحرية الفردية، ومن جميع وسائل الدفاع، لأن هدف التشريع الفرنسي لم يكن لمعاقبة المجرمين، وإنما من أجل اعتقال المواطنين وتعذيبهم وإبادتهم بوتيرة متصاعدة يوما بعد يوم. ولهذا وجدنا مشرعي فرنسا قد أصدروا القوانين التي يمكن لأجهزتهم الاستعمارية في الجزائر الاعتماد عليها، والاستناد اليها، لزيادة المظالم، لا من أجل إنقاصها.

هكذا، استمرت أحكام الإعدام في الصدور على الوطنيين الجزائريين المسلمين، وهكذا، كان ينفذ فيهم حكم الإعدام ضمن ساحات سجون الجزائر. وإن الذين شاهدوا أولئك الأبطال، وهم

<<  <  ج: ص:  >  >>