للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مواجهة المجاهدين، لتجسيم الجريمة ضدهم، فهو ترديد تلك النغمة البائسة: (إن فرنسا قد شيدت المدارس وشقت الطرقات، وأقامت المستشفيات الخ ...).

ولكن (ببوش) وجميع إخوانه، ممن حكم عليهم بالاعدام في (وهران) وفي العاصمة (الجزائر) وفي (قسنطينة) كانوا يجيبون على تلك النغمة البائسة بذكر الوقائع الثابتة، فيقولون بأن الجزائريين كانوا منذ سنة (١٨٣٠) يعيشون تحت حكم المظالم والاضطهاد والإرهاب، وينكرون جميع أنواع المهانة التي تسلطها الإدارة الفرنسية على ملايين الرجال - مع الإشارة إلى أن كل ما تزعمه فرنسا من إنجازات لم يكن إلا لمصلحة الاستعماريين (الكولون) ومستوطنيهم، وقلة قليلة من أتباعهم ومأجوريهم -. وفي بعض الأحيان، كان أحد أولئك القضاة، ينهض ليستخدم لغة الوعيد والتهديد، وأعصابه تغلي من الغضب، فيقابله بطل المقاومة، بهدوء واتزان، ويشير اليه بإصبع الاتهام الثابت ضد جهاز الحكم المسلط على الوطن الجزائري بأكمله. وعندما يعجز القاضي عن مقارعة الحجة بالحجة، والرد على البرهان بالبرهان، يضيق صدره، فلا يجد ما يعبر به عن مأزقه إلا بأن يسرع فيصدر حكم الإعدام.

لقد كانت أحكام الإعدام تصدر على شكل قائمة، وقائمة في إثر قائمة، وكانت الصحافة الاستعمارية تتباهى وهي تصدر على صفحاتها الأولى تلك القوائم، ومنها على سبيل المثال تلك التي نشرتها (صحيفة فرنسية) (١). والتي تم فيها الإعلان عن إعدام


(١) صحيفة (أوربسرفاتور) ١٤ شباط - فبراير - ١٩٥٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>