للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وثورات هؤلاء الفلاحين العزل، الذين أحرقت مزارعهم وقراهم، وقتلت مواشيهم، وهدمت منازلهم، هي التي بقيت مصدر تهديد للجيش الفرنسي ذو الماضي العريق بالأمجاد العسكرية، والتاريخ الطويل بأعمال الإبادة. قال الدوق دورليان - وهو من طليعة الاستعماريين في فترة احتلال الجزائر: (إن هؤلاء الرجال، ذوي الحمية والبأس، أذاقوا الفرنسيين متاعب لم يعرفوها في كامل حروبهم الامبراطورية، وساهموا - أكثر من أي جيش

نظامي آخر - في تدمير الجيش الفرنسي ... لقد كانوا يمنعون الجيش الفرنسي أن يذوق للنوم طعما، فكانوا يضطرونه للبقاء على قدم التحفز الذي لا يهدأ ..).

لقد فشلت كل الوسائل التي استخدمها الفرنسيون زمن الاحتلال، لإخماد ثورات الفلاحين بالقوة. إذن، فما هو الحل الناجح لإيقاف هذه المقاومة الجبارة؟ لقد توصل الفرسيون أخيرا إلى الحل الذي وصفه - لاموريسيير - وهو من أوائل رجال الاستعمار في الجزائر أيضا - بقوله: (لكي نحقق تلك الغاية، فإنه يجب علينا استيراد مزارعين أوروبيين، لأنه ليس باستطاعتنا أبدا أن نثق بالأهالي ثقة تامة، ذلك أنهم على استعداد دائم للقيام بالثورة عند سماع أول كلمة بإعلان الحرب. فبين الغزو والاحتلال الحقيقي، يكون استسلام العربي مجرد استسلام مرحلي لا بد منه. إن السكان المسيحيين المزارعين - الفرنسيين - هم وحدهم الكفيلون بتحقيق أملنا في الاستقرار يوما من الأيام في الجزائر. يجب علينا إحضار أكبر عدد ممكن من المزارعين المعمرين، ونشجعهم بأن نقتطع لهم الأرض ونملكهم إياها حتى تتزايد أعدادهم). وهكذا، فإن الحل الذي توصل إليه الفرنسيون للقضاء على مقاومة الفلاحين هو في

<<  <  ج: ص:  >  >>