للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مما هو عند الجماهير الأوروبية، يضطرنا اضطرارا إلى أن نضع أمامها وحولها وفي وسطها سكانا يكونون على أوفر ما يمكن من القوة).

هذه الصلابة، وهذا الثبات، وهذا الإصرار، وهذه البطولة الأسطورية التي امتاز بها الفلاح الجزائري هي التي دفعت ضابطا فرنسيا آخر (اسمه فيستي) يصرح بإعجاب وهو يروي لقائده -الجنرال - في أحد التقارير حادثة رجلين اتهما بقتل ضابط تركي يعمل في الجيش الفرنسي، وحكمت عليهما السلطة الفرنسية بقطع يديهما. قال الضابط الفرنسي: (حزم ذراع كل منهما عند الزند، وشد على شرايينهما بحبل، ثم وقع جز اليد بتمهل وبطء. ثم رميت اليدان على وجهيهما. ولكن يا سيدي الجنرال، لقد رأيت هذا بعيني؛ إنه لم يظهر على الرجلين أثناء العملية أي شعور بالألم. لقد بقي وجه كل واحد منهما طبيعيا، لا أثر فيه للتوتر أو الانفعال. ثم تناول كل منهما يده الملقاة على الأرض بيده السليمة. وسار الرجلان جنبا إلى جنب وهما يتحادثان بهدوء عجيب إن رجالا من هذا النموذج قادرون على أن يفعلوا شيئا عظيما ورائعا).

لقد استخدم جيش الاحتلال كل وسائل الرعب والإبادة والتقتيل الجماعي والتعذيب، وعلى الرغم من ذلك كله، فقد صمد الفلاحون صمودا عجيبا، ولم يستسلموا أبدا. وهذا ما أكده ضابط فرنسي يدعى - كاروبير - في تقرير له: (تجولنا طويلا ونحن نحرق ونتلف ونسحق القبائل بين - البليدة - و - الشلف، وفي ضواحي - شرشال، وبالرغم من أن الرعب الذي نشرناه كان عظيما، فإن الهدف الذي كنا نريد تحقيقه وهو حملهم على الاستسلام، لم يتحقق).

<<  <  ج: ص:  >  >>