حكى أحد الزعماء الجزائريين القصة التالية:(قابلت مرة أحد الفلاحين، وشكا لي حاله، وكيف قتل الفرنسيون كل أبنائه، ودمعت عيناه. فسألته رأيه في الاستقلال الداخلي. فأجابني والدموع تنهمر من عينيه: إن الدموع لا تجففها سوى راية الاستقلال التام).
لقد أدى شعب الجزائر واجبه كاملا في ثورة العرب المسلمين بالجزائر. وأبيد منه أكثر من مليون مواطن، ودمرت قراه، وأتلفت ثرواته، واعتدي على شرف بناته، ومثل به أشنع تمثيل، وعلى الرغم من ذلك كله، فإنه لم يضعف، ولم يهن، ولم يتراجع، حتى حقق هدفه (في الاستقلال).
...
يبقى هناك تعليق لا بد منه، إن الفلاح الجزائري، مثله كمثل كل فلاح في الوطن العربي - الإسلامي، يمثل أصالة الإنسان العربي المسلم. فالفلاح، بطبيعته المحافظة، وبفضائله التي يمتلكها (كالشرف والإخلاص وصفاء النفس والوفاء) علاوة على ما سبقت الإشارة إليه من فضائل معروفة (الإباء والنزوع إلى الحرية والأخذ بالثأر ورفض الذل والخضوع إلا لله وحده)،كل ذلك مما أسهم في حفاظ الفلاح على أصالته. ولم يكن من الغريب أن تحتفظ (قسنطينة - قاعدة ابن باديس) و (الأغواط) في قلب الصحراء وعلى تخومها، ومناطق القبائل الكبرى، بكل أصالة الإنسان المسلم. وهي الأصالة التي أعطت للثورة زخمها واندفاعتها رغم كل المحاولات لتشويه هذه الحقيقة والتنكر لها.