مدينة (نيدروما). وهكذا لم تكن المنطقة إلا مجموعة من الصخور والثوار والجبال. إنها مكان يبتغيه كل حالم بالراحة، وكل محتاج للامداد من أبطال المجاهدين الميامين.
تولى مسؤولية الإدارة المدنية للمنطقة شاب حمل أصالة البطولة الثورية كابرا عن كابر، وعرف باسم (مجيدي الشيخ ولد الشيخ) والذي اجتذب اسمه اهتمام كل الشعب الجزائري، نظرا لما قدمه للثورة الجزائرية من خدمات يصعب وصفها، إذ بقيت هذه الخدمات مجهولة في معظمها، ولم يعرف منها إلا النذر اليسير.
أظهر (سي الشيخ) اهتمامه بالأمور السياسية وهو لا زال في مقتبل العمر. وقد أنهى دراسته للقرآن الكريم وحفظه له وهو لما يتجاوز الخامسة عشرة من عمره، وأخذ في التهام ما ألفه الشيخ (بن باديس) وما كتبه. حتى إذا ما بلغ التاسعة عشرة من عمره، قرر التوجه إلى (فزان) لمتابعة دراسته في علوم (التفسير). وكان يلتقي ما بين فترة وأخرى برجل أثر فيه تأثيرا عميقا. نظرا لكونه عضوا في (رابطة العلماء). وما هي إلا أيام حتى أقبل (سي الشيخ) بحماسة وانضم إلى الحركة. واكتسب (سي أحمد دبوزا) بذلك شرف ضم رجل آخر إلى الحركة، ولكن أي رجل! لقد حدث ذلك في اللحظة التي انفجرت فيها الثورة الجزائرية المسلحة. وجاء (سي الشيخ) ليحتضن طريق الجهاد المقدس. وما هي إلا فترة قصيرة، حتى ارتفع بكفاءته إلى مستوى القيادة، وأصبح مسؤولا أولا عن إقليمه، تحت توجيه جبهة التحرير الوطني. وقام ضباط جيش التحرير الوطني بتسليمه كل الأعمال الإدارية، وحملوا له كل ما يستحقه من الاحترام. ونظر إليه ضباط الجيش الفرنسي نظرتهم إلى أكبر عدو لهم، واعتبروه عقبة يجب تدميرها بكل الوسائل.