للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولمنع كل احتمال بالمباغتة، أما في النهار، فقد كانت بعض الأشعة المتسللة من الخارج، كافية لإضاءة الدهليز. وتأمين الفترة الكافية للإنذار من أي غدر محتمل.

انقضت الليلة الأولى بهدوء وسلام. وأشرق الفجر، والمطر ينهمر غزيرا فيما كانت الريح تضرب السيل المتدفق لتجعل منه قطعا من الطين (الوحل). وعاش الدوار مع الطبيعة الباكية، فالنساء في بيوتهن يبكين في صمت مصير رجالهم، ويترقبن انقضاء اللحظات بتخوف وحزن لا حدود لهما. وعادت ثلة من الأوغاد - الجنود - إلى القرية، فهذه هي اللحظة المناسبة لممارسة الضغط الوحشي على النساء والأطفال، وبدأت عملية تدمير بيوت القرية وإحراقها، مع تعذيب الشيوخ - الكهول - قبل اقتيادهم لمرافقه الجند. وكانت زوجة (سي الشيخ) تحمل ابنها البكر وهي في شهرها السابع. وعلى الرغم من ذلك، فإن وضعها الخاص لم يشفع لها، وتعرضت لما تعرضت له من التعذيب والإهانة والمعاملة السيئة.

هبطت طائرة عمودية - هيليكوبتر - في هذه اللحظة ذاتها، على بعد مائتي متر فقط من الكهف. ونزل منها ضباط يرافقهم بعض الجنود يحملون صناديق من الأعتدة. وتم على الفور تركيب محرك كهربائي، فيما كانت المعاول والمطارق تهاجم الصخور في محاولة لشق ثغرة عميقة تصلح لاستيعاب كمية كافية من المتفجرات بهدف توسيع مدخل الكهف. غير أن الصخر الأصم امتنع على المعاول، ولم يتمكن المهندسون من تفجير أكثر من شحنتين في اليوم الواحد. وفي الوقت ذاته، كان جند الاستعمار يدفعون باستمرار أنبوبا ضخما إلى مدخل الكهف. وكان هذا الأنبوب يتصل بنفاث قوي يدفع الغاز السام بهدف خنق المجاهدين اللاجئين إلى الكهف. وتراجع هؤلاء

<<  <  ج: ص:  >  >>