للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المجاهدون نحو جوف الكهف، ولم يبق في مركزه إلا أولئك المكلفين بحراسة المدخل وحمايته والذين حافظوا على مراكزهم بالرغم من مئات القنابل اليدوية الهجومية وقنابل الغاز التي قذفت نحو الداخل طوال أيام الحصار. وبعد أيام ثلاثة، أصبح الجو مسمما حتى بات من الصعب تنفس الهواء واستنشاقه. وحتى بات الهواء المسموم بالغاز الخانق حارا وحارقا. وأخذ المجاهدون في التقيؤ مرة بعد المرة. كما أخذت تنتابهم حالات من الإغماء. وبالرغم من ذلك، فقد استمر المجاهدون في مقاومتهم، وأخذوا في استخدام قطع من النسيج - القماش - يبللونها من الصخور، ويضعونها أقنعة لحماية أنفسهم من تأثير الغاز الخانق. وبدأ العطش في تعذيب المجاهدين، والضغط على بطونهم. واحتمل المجاهدون معاناتهم ببذل جهد يزيد على قدرة احتمال البشر حتى لا يفقدوا وعيهم.

كان (شي الشيخ) خلال ذلك كله، يتنقل بحركة دائمة ليجلس إلى كل مجاهد من المجاهدين، وليحدثه بكلمات تناسب وتخفف من معاناته، وتدعم من شجاعته،) فيتلو ما يتيسر له من آيات (القرآن الكريم). ويحدث المجاهدين فيذكرهم بقصص الأنبياء وما احتملوه لأداء رسالاتهم، وما عاناه أتباعهم من الصابرين المؤمنين. ولا زال من نجى من الموت يتذكر حتى اليوم ذلك الموقف الذي وقفه (سي الشيخ) وهو موقف يصعب تصديقه لو لم يعشه من نجى بنفسه. فكيف استطاع (سي الشيخ) الصمود والمحافظة على قوته. حتى يبقى واقفا كالطود؟ ألم يقف وحده، وكأنه عصبة من الرجال، في مجابهته للعدو طوال أكثر من يومين، متيقظا لأية محاولة قد يقدم عليها جند العدو للاقتراب من الكهف؟. - إنها قوة الإيمان التي لا تقهر.

<<  <  ج: ص:  >  >>