للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

توجيه الأمهات وأحاديث الجدات.

وتحول المد إلى جزر، ووقعت الجزائر أول ضحية لهذا التحول وهنا عادت (المرأة الجزائرية) لممارسة دورها التاريخي اعتبارا من اللحظة التي اجتاحت فيها قوات الاستعمار (الجزائر المحروسة) يوم ٥ تموز - يوليو - ١٨٣٠. والأمثلة عن هذا الدور متوافرة بكثرة، لعل من أبرزها وأكثرها شهرة هي قصة إحدى بطلات الجزائر (لالافاطمة نسومر) التي قادت المجاهدين والمسلمين الجزائريين في ثورة عارمة (عام ١٨٥٧) ضد قادة الجيش الفرنسي - جنرالاته - فكانت مثالا رائعا لجهاد المرأة الجزائرية ضد الاستعمار الفرنسي. ولم يكن استشهادها هو مجرد إضافة لموكب الشهيدات المدافعات عن الدين والوطن، وإنما إعلاة وتأكيدا لمكانة المرأة المؤمنة القائدة في مجتمع المجاهدين.

ومع التركيز على ذكر المرأة في ميادين الجهاد، فإن الأمر الواضح هو أن هذه المرأة كانت عضوا فعالا في المجالات التعليمية (الثقافية) والاجتماعية والاقتصادية قبل الغزو الفرنسي الاستعماري وكانت لها مكانتها اللائقة بها في أسرتها ومجتمعها، وكانت تشارك في جميع الأعمال - الشاقة وغير الشاقة - مما تتطلبه حياة الريف. وكانت في المدينة أيضا تتبوأ مكان الصدارة في مجالات الثقافة والفكر والأدب، مما ساعدها على الإسهام في رفع المستوى الاجتماعي للوطن الجزائري لقد فرض الاستعمار الفرنسي شكله البغيض، وطبق مخططاته الجهنمية، على شعب الجزائر، الذي عاش فترة تاريخية مظلمة، وذلك لأنه لم يكن استعمارا ماديا (اقتصاديا) فحسب وإنما كان أيضا استعمارا معنويا (روحيا) واستعمارا استيطانيا، كاد أن يقضي على أصالة هذا

<<  <  ج: ص:  >  >>