كانت (اليويو) تتصاعد من الجزائريات وهن على سطوح منازلهن أو في نوافذ غرفهن أو حتى وهن سائرات في الطرقات، فتكون صرخات تشجيع في بداية الأمر، ثم تتلاحق من غير توقف ولا انقطاع لتتحول في النهاية إلى نوع من الصلاة على الشهداء، تمجيدا لتضحية فتيان العشيرة الذين مضوا للقاء ربهم وقد نالوا (خير الحسنيين).
كانت هذه (اليويو) أقوى من الرصاص الذي عجز عن إسكاتها، فكانت تخترق آذان قاتلي الأطفال والنساء مجرمي الحروب الاستعمارية، فترهقهم وتعذبهم وتبقى كابوسا يطاردهم حتى في أوكارهم ومعسكراتهم. وكان (يويو) النصر بالنسبة لهؤلاء الذين (أكلوا خبز المساوىء) هو الرعب المسيطر في العاصفة. مع هذا الوسواس بأن هناك موسيقى قادرة على تدمير كل شيء.
موسيقى الثورة الجزائرية الأصيلة، والتي ترافقها تهاويل أحلام تتراقص فيها نيران هائلة. كما لو أن تفتح الجزائر الشعبي ليس إلا امتدادا لذلك الموج العربي - الإسلامي الذي أتعب الدنيا ولم يتعب، وهو ما شكل مصدر الرعب للاستعماريين. قبل الثورة وأثناءها وبعد انتصارها.