للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شيئا فشيئا ودون توفف. فكلما توقف أو انتهى فريق من إرسال النداء، تولى فريق آخر المهمة عنه ويرتدي (اليويو) مسحة من الرتابة، غير أنها رتابة زائفة، وغير حقيقة، فالصوت يتبدل بتبدل قوة الاصوات المختلفة وكثافتها وتنوعها. كما يحدث في جوقة مؤلفة من عشرين ألف مغنية. إنها فرقة (كورال) لا مثيل لها في العالم تنشد (اليويو) بطريقة مثيرة للأعصاب بقدر ما هي مؤثرة في النفس، تصل قوية فتهز أعماق الوجدان، وتخاطب العقل فتصفعه وتفقده الشعور والإحساس. و (اليويو) تحمل معان مختلفة، فهي في وقت واحد (صفارات الإنذار) و (أنين التأوهات الساحرة) و (زئير الغضب) و (تلاوة مقدسة) , ولقد مارست (اليويو) المعادية للاستعمار تأثيرا لا يقاوم. وكانت قادرة باستمرار على التقمص في البطولة الجماعية وقد أعجزت (اليويو) حتى خبراء (السكان الأصليين) عن فهمها. ووقف الرجعيون والصوفيون السياسيون في حيرة من تفسيرها: أهي نوع من الوباء؟ أم هي نوع من الذهول المعدي؟ أم هي نوبة من نوبات جمهور هادر؟ أم هي مس من فعل الشيطان؟ ... على أنه ليس ما هو أقرب من (اليويو) إلى العقل. وليس أكثر منها وعيا وهدوءا كوسيلة جديدة وفذة من وسائل العمل الجماعي. وتعبئة مجموع سكان (قصبة) ما، أو مدينة ما، و (اليويو) أيضا صرخات مشحونة بالمعاني المحددة المتنوعة بحسب الظروف. فقد تكون (كزقزقة العصافير) في الليل، إشارة إنذار تعلن قدوم دوريات الأعداء، أو (صرخة تحذير) من أجل تجنب خطر كمين أو تهديد صادر عن (منظمة الجيش السرية - الإفرنسية). وهي أيضا (نداء للمساعدة) أو (استنفار للمقاومة) ضد الاعتقالات. وهي فوق ذلك

<<  <  ج: ص:  >  >>