للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالإضافة إلى رغبتهم في القبض على واحد أو أكثر من (العصاة - أو الفلاقة) (١) واعتقال أولئك الذين يساعدونهم أو يعملون على إيوائهم.

وعاشت (عقيلة) في حالة رعب دائم: الرعب من القتل، والرعب من أن يصل زوجها في زيارة غير متوقعة، فيصطدم بدورية الأعداء التي باتت كثيرة التردد على منزلها. وفي الحقيقة، فإنه لم يحدث شيء من ذلك، غير أن ما عاشته خلال تلك الفترة كان أكثر قسوة من الرعب ذاته، لقد جفاها النوم، فباتت دائمة السهاد، حتى إذا ما استنزفت أعصابها، أغمضت عينيها قليلا، فالخوف من زيارة أخرى غير متوقعة، والخوف من أن يجدها الجنود نائمة في سريرها، والخوف من كل مجهول، كل ذلك كان يعذبها ويطرد النوم عن عينيها، فتقفز من مقعدها لتستوي واقفة على قدميها تحملق فيما حولها لتتبين أنه لم يتحقق شيء من مخاوفها - حتى الآن على الأقل - وكانت (عقيلة) على حق في خوفها .. فهي زهرة شابة جدا، لم تتجاوز العشرين من ربيع عمرها، ذات قامة متوسطة (طولها ١٦٠ سم تقريبا) لها بشرة بيضاء صافية ينعكس عليها سواد شعرها الفاحم وعينان سوداوتان واسعتان ولهما نظرات أخاذة. وقد أخذ الهواء الجبلي النقي والرطب على عاتقه إكساب وجنتيها اللون الوردي، مما كان يثير الشعور بأن وردتين جميلتين قد احتلتا مكانتهما على وجنتيها. وكان ذلك الشعور يظهر وهو أقرب الى الحقيقة عندما كانت


(١) العصاة - أو الفلاقة (FELLAGHAS) اصطلاح أطلقه بعض القادة الإفرنسيين على الثوار الجزائريين - المجاهدين - استحغارا من أمرهم، وتشبيها بهم بقطاع الطرق، ثم أصبح استخدامه عاما من قبل الاستعماريين لوصف (المجاهدين الجزائريين).

<<  <  ج: ص:  >  >>