للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كانت تقيم فيه (الممرضة رتيبة) وعائلتها وأبوها الذي كان يعمل خبازا للقرية. وأخذت (عقيلة) في ضرب الباب بكل قوتها وهي تصرخ (لقد جاء العسكر لاعتقالي).

أسرع المجاهدون للامساك بزوجة (سي الأخضر) من جديد، واقتيادها إلى حيث بقية المجاهدين الذين يقفون بانتظار وصولهم. ومضت دقائق قليلة. وتوقف الصراخ بصورة مباغتة. ولم يعد هناك من يسمع إلا صفير الريح وهي تعصف بسقوف المنازل. لا صراخ، ولا همس، لقد أصبحت (عقيلة) في أيد (مأمونة).

أردف (سي الأخضر) زوجته على حصانه، وأعطاها منديله (فولار) الاخضر القاتم، ومضى مع رجاله على الطريق، محاولا تضليل هؤلاء الذين قد يطاردونه .. حتى إذا ما وصل إلى نقطة يتفرع عنها دربين من المسالك الضيقة، ترك أحدهما، وسار على الآخر الذي يصل إلى (تاسامرت) التي تبعد مسافة كيلومتر تقريبا عن (زمورة).

في هذه الفترة، كانت القوات الإفرنسية تحاول معرفة حقيقة ما حدث، وأمضت وقتا غير قصير حتى أدركت الموقف، وإذ ذاك بدأت عملية المطاردة، غير أن الوقت كان متأخرا جدا. فقد وصل (سي الأخضر) ورجاله في هذه اللحظة إلى مسافة بعيدة جدا بات من المحال معها اللحاق به. وعلاوة على ذلك، فقد سار (سي الأخضر) على دروب جبلية ضيقة لا تستطيع السير عليها إلا قطعان الماعز، متجنبا ورجاله السير على الطريق الرئيسية التي يعرفها القرويون باسم (طريق البيلك) والتي غالبا ما تسير عليها السيارات الخفيفة للجيش الإفرنسي - الجيب - وهي تقوم بدورياتها الرتيبة.

<<  <  ج: ص:  >  >>