للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا اليوم المشرق ليرفرف عاليا فوق أبنية العاصمة كلها، وفوق كل مدن الجزائر، إنه علم انتصارات الشهداء الأبرار. إن الجزائر تعيش عيدها، لقد حصلت أخيرا على استقلالها.

أخذ الاحتفال بالعيد في قرية (زمورة) طابعا مثيرا من الفرح والسعادة. وكان لا بد أيضا من التفكير بأولئك الذين كانت تضحياتهم هي التي مهدت لظهور فجر هذا اليوم. فقرر الفلاحون أن ينقلوا إلى قريتهم رفات أبنائهم، ولم يتأخروا عن تنفيذ فكرتهم. وكان بين العظام التي ضمها الكفن الأبيض عظام (سي الأخضر) وزوجته (عقيلة) لقد كان الحديث على كل شفة يتردد بذكر قصة الزوجين، وشجاعتهما وميتتهما البطولية. ولم يتعب الناس أو يشعروا بالملل من ترديد القصة، وتناقلها، والإشارة في كل مرة إلى (عقيلة) الفتاة الحلوة والزوجة الأمينة التي كانت أول امرأة في القرية انضمت إلى الثوار وهي تحمل السلاح.

كان حفل التأبين الجنائزي مؤثرا وعظيما بقدر ما كان بسيطا. وقد أقيم في داخل الثكنة الكبرى التي ظلت حتى الأمس رمزا للقهر والظلم. وشاركت في الحفل كل بيوت القرية التي عملت على طهو الطبق الشعبي (الكسكس) مع تقديم الحليب واللبن الرائب - العيران -. لقد قام أهل كل منزل في تقديم الطعام تعبيرا عن مشاركتهم بهذا الحدث. وفي الحفل، كان الجو غريبا، اختلطت فيه المشاعر بطريقة تعجز الكلمات عن وصفها، لقد وصلت مشاعر الفرحة بالحرية والاستقلال حتى ذروتها، غير أنها فرحة اقترنت بالحزن العميق لغياب أشخاص أحبهم الجميع، وافتقد الجميع.

ودخلت اسطورة البطولة للزوجين الشجاعين في حكايات

<<  <  ج: ص:  >  >>