١٩٥٧. فاتهمت الفتاتين بالإرهاب. فاعترفت (جميلة بو حيرد) أنها كانت تعمل أمينة سر (سكرتيرة) القائد (ياسف سعدي). غير أنها أنكرت بتصميم وثبات اشتراكها في عملية وضع القنبلة في الملهى. أما موظفة البريد، الشابة (جميلة بو عزة) فقد أفادت أنها تلقت القنبلة من (جميلة بو حيرد) فنفذت هي المهمة. وكانت قاعة المحكمة مكتظة بالمشاهدين الإفرنسيين الذين كانوا يطالبون برأس الفتاتين. لا سيما وأن اعتداء كبيرا حدث في تلك الأثناء، الأمر الذي زاد من هياج الإفرنسيين، فجرت المحاكمة وكأنها مسرحية مضحكة (ملهاة). وأصبحت المتهمة (بو عزة) هي شاهدة الإثبات ضد زميلتها (بوحيرد) فأخذت تتصرف كما لو كانت مجنونة، فتتفوه بكلمات جارحة (نابية) في قاعة المحكمة. وتمزق ثيابها عن جسمها، وتضرب على الحضور مسدسا وهميا صارخة: تاك، تاك، تاك، تاك. وقد جاءت في مرافعة وكيل الدفاع (المحامي جاك فيرجس) - أن جميلة بو عزة هي مختلة الشعور، فأحالها رئيس المحكمة إلى الطبيب الشرعي الفرنسي، فقرر هذا أن (بوعزة) هي فتاة سليمة العقل، وإنما تتظاهر بالجنون. ثم رفضت المحكمة طلب الدفاع بإحالة (جميلة بوعزة) إلى لجنة من الأطباء لإعادة فحصها. وكان لهذا الرفض الجاف نتائجه .. ثم اعترض محامي الدفاع (الأستاذ جاك فيرجس) على وسائل التحقيق التي اتبعها المظليون، وصرح بأن موكلته (جميلة بوحيرد) قد انتزعت منها الإفادات بصورة وحشية رهيبة، وأنها عذبت كما لم يعذب أحد من قبل، فقد سلطت تيارات كهربائية على فمها وأذنيها وعلى مواطن حساسة أخرى بجسمها، فأجابت المحكمة أن هذه الادعاءات ليس لها ما يؤيدها. فطلب الدفاع مواجهة موكلته بالمظليين لكي تتأكد