صياح الخنزير الذي كانوا يذبحونه بالأمس، على الساعة التاسعة ليلا، لم يكن في الحقيقة إلا صراخ صبي كانوا يعذبونه. لقد استعملوا معه وسيلة السلك الكهربائي، لكنهم استبدلوا هذه المرة الخصيتين باليد. وقيل أن الصبي اعترف بأنه قد ذهب لأربعة رجال مسلحين يعلمهم بمرور فرقة فرنسية في المكان. هذا ما أعلمني به الملازم (س) ووجهه يتهلل بشرا. أما بالأمس، فقد سمعت عواء حسبته أول الأمر عواء ذئب عابر، لكن ذلك العواء استمر، وزاد، فرابني الأمر، وخرجت وأنا أرتدي المنامة (البيجاما) فأيقنت أن تلك الأصوات المنكرة كانت تصدر عن خيمة الملازم قائد الفصيلة، ففهمت حقيقة الأمر، لكنني قلت في نفسي؛ بأنه من المحال أن يستعملوا السلك الكهربائي مع الصبي، ولا ريب أنهم يحاولون الآن انتزاع اعتراف من الشيخ الذي يصحبه. ورجعت إلى خيمتي، وقد أمتلأ قلبي غضبا وألما. وأخذت أفكر عن غير وعي في أمر الصبي الذي سجنوه طوال الليل الماضي بعد أن قيدوه إلى مؤخرة سيارة الجيب. وتخيلته شارد الذهن، بادي الروع، وهو يشاهد عن كثب تعذيب الشيخ. وكاد قلبي يتمزق من الغيظ صبيحة اليوم إذ عرفت بأن عملية التعذيب كانت تقع على الصبي نفسه لا على الشيخ. ولم يكن باستطاعتي أن أذهب للصبي، وأن أحادثه، فهو لا يفهم اللغة الفرنسية، لكنني عملت عملا آخر. فقد ذهبت للصبي المعذب، وأخذت له صورة فوتوغرافية، إنها لصور بليغة يجب أن يراها الرفاق في فرنسا. وما كدت أصل حتى رأيت (س) وهو يخرج من الغرفة - مكان التعذب، فكاد قلبي يصعد إلى فمي، ولا أدري كيف تمالكت نفسي فلم أبصق على وجهه. يا له من وحش، لقد أصبح قلبه غلفا لكثرة ما مارسه من عمليات التعذيب، وما تعود على سماعه من