(رأيت ضباطا، لم يمر عليهم وقت حتى أصبحوا مهرة في فن التعذيب، من غير شفقة ولا رحمة. رأيت ضباطا مارسوا التعذيب، ولكثرة احترافهم له أصبحوا اختصاصيين فيه. وبعضهم سبق له أن مارس هذه المهنة، وأصبح يتلذذ فيها، كهذا الضابط الذي سبق له أن مارس التعذيب في (كوريا) وأصبح قائدا لفرقة اتخذت مركزا لها في أحد الجبال، واتخذ قائدها عملا له هو استجواب المواطنين المسلمين وتعذيب المشتبه بهم. وهؤلاء المشتبه بهم، هم كل جزائري تعثر عليه الدوريات في طريقها. وقد رأيت جندا يضربون هؤلاء المشبوهين، ويتنافسون في ضربهم مع رجال الدرك، حتى ان أيديهم ظلت منتفخة ثلاثة أيام. ثم أعادوا الكرة في أول فرصة. ومن المدهش أن في بلدة الشريعة حوضا خصصته فرقة (ج. م. ب. ر.) لتلقي فيه الأظافر المقلوعة، ولتستخدمه في عمليات النفخ بالماء. ومن الذي يجهل أن في مركز الشرطة في (تبسة) حجرة مظلمة للاستجواب حل محل طلاء جدرانها دم الأبرياء، وصبغ أسفل جدرانها بلون أحمر قاني لا يمحى. (١).
وقال ضابط آخر في مذكرته اليومية بتاريخ ٨ آذار - مارس - ١٩٥٦ ما يلي:
(قام الجنود، مساء هذا اليوم، ومعهم ملازم، بتعذيب المساجين، فصفعوهم بالأيدي وضربوهم بالعصي على ظهورهم، ورفسوهم بالأرجل تحت بطونهم، وأرغموهم على ابتلاع الماء بالقوة، وعلقوهم بعضهم من أيديهم وآخرون من أرجلهم، ثم
(١) مجلة (اسبري) الفرنسية عدد نيسان - أبريل - ١٩٥٧ ص ٥٨١.