كانت حالتهم سيئة. ولقيت البعثة جريحا في زنزانة منفردة، فاتضح لها من تصريحات هذا الجريح الملقى على الأرض العراء، دون أن تضمد جراحه، أنه أثخن جراحا أثناء استجوابه. وكان متروكا بلا إسعاف منذ ثمان وأربعين ساعة. ومع أن المصير موجود منذ ثلاث سنين، فإن المعتقلين لا يملكون قصاعا ولا ملاعق أو سواها تحت تصرفهم، وهم يتناولون طعامهم في علب المحفوظات الغذائية. ونعتقد بأن الوضع البائس في هذا المعسكر إنما هو أمر مقصود، قضى به تنظيم خاص.
أثناء زيارة (مركز ترحيل النخلات الخمس) تم اكتشاف زنزانة فيها ستة معتقلين، تبدو على ثلاثة منهم آثار رضوض حديثة العهد، وفي وسطهم تضطجع على الأرض العراء جثة رجل لفظ أنفاسه في الليل، بينما وقعت الزيارة في الساعة الحادية عشرة والنصف نهارا - ٣٠، ١١ - وقد طلبت البعثة شهادات الوفاة لخمس وقوعات حدثت بين ١٢ و١٨ تشرين الأول - اكتوبر - فتحقق لها أنها جميعا، تعزو الوفاة إلى سبب واحد: التسمم البطيء بالغازات السميلة للدموع. والأمر يتعلق برجال، أخرجوا قبل عدة أيام من أحد الكهوف باستخدام القذائف المسيلة للدموع. ويستخدم الجيش الفرنسي ما يسمى بالغازات المسيلة للدموع، ذات العيار الكثيف، وهي في الحقيقة مركبات - أمينودي كلورو أرسين - أعني أنها غازات ثقيلة جدا ومخربة للأنسجة الداخلية والخارجية ومحظور على المحاربين استعمالها. وعلى العموم، ففي هذه المعسكرات تحاشوا أن يعرضوا على أنظار أعضاء البعثة عددا من المعتقلين، رغم أن أسماءهم مدونة في سجل الاعتقال: لقد سلم هؤلاء الى (جيش الحملة في الريف) من أجل حمل الأثقال أو من أجل استخدامهم في (العمليات الحربية).