الذي وضعه المحققون الفرنسيون، وأحيل إلى الحكومة الفرنسية (بأن جميع المراكز التي تناولتها الزيارة إنما أنشأتها السلطة العسكرية وحدها. والأسباب التي دعت الى اتخاذها هي دوما عسكرية صرف)(١).
وإذن، ولما كان سبب التجمع عسكريا، ومنشؤه مجهولا بحكم انبثاقه عن قرار سام من الجيش الفرنسي، فقد بقي من الصعب معرفة العدد الدقيق لأولئك الذين أرسلوا إلى هذه المعسكرات ليكونوا على موعد مع الجوع والمرض والموت. وكان هناك إجماع في القول بأن هذه المعسكرات تفتت في بطء إنسانية تفوق مليون شخص، وقد جاء في التقرير الرسمي السالف الذكر:(أنه يبدو من الصعب أن نسلم بأن عدد المجمعين ينقص عن المليون) وذكر الأمين العام للإعانة الكاثوليكية الفرنسية في تقريره: (لقد اكتشفت أن هناك أكثر من مليون إنسان معظمهم من النساء والأولاد) ويضيف: (أنا أحد أصدقائي وهو مراقب ذو مكانة مرموقة يقدر أن الرقم الحقيقي الحالي للذين أقصوا عن ديارهم يزيد على مليون ونصف المليون (ولقد كان
(١) الثورة الجرائرية والقانون - تأليف محمد البجاوي - دار اليقظة العربية - دمشق - ص ٣٢٩ - ٣٣٤ وفي ص (٣٣٠) جاء ما يلي: (كأن التقرير أراد أن يظهر ما تنطوي عليه الكلمات من غموض بانتظار تغذية اللاحقيقة عن طريق الدعاية الرسمية التي تحرك الكلمات، فقال: (لا يعد إراديا) ذلك (التجمع) الذي يتم بسرعة كبيرة على يد واحدة مهما كانت السلطة التي ينتسبون إليها، ويجب أن يفيدوا من الضمانات عندما تتحرك القوات العسكرية لإقفال المنطقة وتطهيرها - الأرض المحروقة - وعلى العكس من ذلك يكون (إراديا) كل تجميع يتقرر اللجوء إليه في حالة عدم وجود عمليات واسعة النطاق تقوم بها القوة العسكرية المسؤولة عن المنطقة المعينة).