وعلى الرغم من ذلك. فقد استمرت فرنسا في ممارساتها الإجرامية. ولم تتوقف سلطاتها وقوادها عن متابعة أعمال التعذيب، وإقامة معسكرات التجميع، والإعدامات المختصرة من غير محاكمة، وارتكاب الفظائع المختلفة واستمرت أيضا في التعامل مع (المسبلين - أو الأنصار) ومع (الفدائيين بالمدن) باعتبارهم إرهابيين، لا تنطبق عليهم شروط أسرى الحرب. مع العلم أن المذكرة التي أصدرها المركز القانوني للأنصار خلال الحرب العالمية الثانية، والتي صدرت على أثرها مذكرة عن جمعية الصليب الأحمر الدولية في ١٧/ ٨/ ١٩٤٤ إلى جميع المحاربين، طلبت فيها اعتبار أمثال هؤلاء المقاتلين أسرى حرب، مثلهم كمثل الجنود في القوات المسلحة سواء بسواء.
وبقيت الحرب الجزائرية نموذجا فريدا بين الحروب، في قسوتها ووحشيتها، في بعدها عن كل القيم الحضارية والمفاهيم الإنسانية. لقد أرادتها فرنسا حرب مصير ووجود، وقبل الشعب الجزائري وقيادته الثورية التحدي الثقيل، بكل ما يتضمنه من جهود وتضحيات. وانتصر الشعب الجزائري في الرهان المصيري. غير أن طبيعة هذه الحرب الوحشية لم تمر دون أحداث مثيرة، ولعل أبرز ما في إثارتها هو أنها اكتسبت أنصارا لها ومؤيدين في وسط الأعداء ذاتهم.