لقد عرف الشعب الجزائرى (المجاهد صالح رايس) من خلال جهاده الصبور في البحر، برفقة أصحاب (اللحى الشقراء). وعرف فيه الكفاءة القيادية العالية، والشجاعة في مواجهة مواطن الخطر في البر والبحر، وقدرته غير المحدودة على العمل، وإخلاصه الكبير لقضية (الجهاد وبناء القدرة الذاتية) ولهذا لم يكن من الغريب أن يبادل الشعب الجزائري هذا القائد إخلاصا بإخلاص ووفاء بوفاء. فمضى صالح رايس بعزيمة صادقه لتحقيق أهداف شعبه والتي تمثلت بطموحين أساسيين أولها: تحقيق الوحدة الكاملة بين مختلف أقاليم الدولة الجزائرية، وتوثيق عرى وحدة شعبها. وثانيها: إدخال بقية أجزاء الصحراء الجزائرية (فيما يلي الزيبان) ضمن إطار هذه الوحدة. ولم تكن أهداف (بناء القدرة الذاتية) من خلال وحدة التراب والشعب، عند الجزائريين وحكامهم إلا الوسيلة لتحقيق طموح أكبر، وهون طرد الإسبانيين وإخراجهم من مواقعهم التي احتلوها فوق الأرض الجزائرية ووضع حد نهائي وحاسم لعمليات الصراع الداخلي والذي يجد محرضا له في (الدولة المغربية السعدية). والانطلاق بعد ذلك للجهاد في مجابهة العدوان الخارجي الممثل بصورة خاصة بالعدوان الإسباني الذي أخذ على عاتقه قيادة الصراع ضد المسلمين. وبدأ (صالح رايس) بالعمل قبل كل شيء لتحقيق الوحدة الداخلية، وكانت في الجنوب الجزائري إمارتان مستقلتان (إمارة توقرت) التي كان يتولى أمرها ملوك بني جلاب يتوارثونها كابرا عن كابر، وإمارة (بني وارجلان) - أو (ورقله) ويتولى أمرها الشيوخ الأباضيون ورثة دولة بني رستم، ويمتد سلطانها إلى قرى وادي ميزاب غربا وإلى المنيعة جنوبا. وكانت الإمارتان قد دخلتا أيام (خير الدين باشا) ضمن الوحدة الجزائرية، وتعهدتا بدفع مقدار معين لخزانة