الدولة بمدينة الجزائر. لكن ابتعاد خير الدين عن إدارة المملكة فعليا أواخر أيام حياته، وانصراف الدولة الجزائرية إلى معالجة أحداث (تلمسان) وأحداث (المغرب) جعل الإمارتين تقلعان عن دفع ما يترتب عليها، وتعلنان استقلالها عن إدارة الجزائر. وحاول (صالح رايس) إعادة الإمارتين بالطرائق الديبلوماسية غير أن الاتصالات والمراسلات فشلت في الوصول إلى التسوية المطلوبة، فتقرر اللجوء إلى السلاح إذا ما تطلب الأمر. وتحرك الجيش الجزائري من مدينة الجزائر تحت قيادة (صالح رايس) وذلك في شهر تشرين الأول (أكتوبر) ١٥٥٢م. متوجها إلى الجنوب، وانضم له في (مجانة) سلطان قلعة بني عباس (عبد العزيز) ومعه نحوا من ثمانية آلاف مقاتل من رجال القبائل الجبلية، وسار الجميع نحو (توقرت)، حيث تمت مهاجمة (واحات توقرت) وكانت قوة الصدمة أكبر من أن يحتملها ملك توقرت وجيشه، وبعد معركة قصيرة وحاسمة - أزهقت فيها أرواح كثيرة من الطرفين المسلمين - أمكن تصفية المقاومة في (توقرت) والقضاء على حكم (بني جلاب) وضم توقرت نهائيا إلى السلطة المركزية وتوجه جيش الجزائر بعدها إلى (بني وارجلان) واجتمع هنا شيوخ (ورقله) وأعلنوا رفضهم لقتال إخوتهم المسلمين، وانضمامهم للدولة الجزائرية وأصبحوا منذ تلك الفترة جزءا لا ينفصل - وإلى الأبد - عن دولتهم الجزائرية، وتعهدت لهم الدولة بالمقابل، احترام مذهبهم (الإباضي) وحرية ممارستهم له، والاحتكام بمقتضاه بالنسبة لكل من يعتنقونه. غير أنه ما لبث أن ظهر الخلاف بين (صالح رايس) وبين سلطان قلعة بني عباس ومجانة (عبد العزيز). فبينما كان (صالح رايس) يرى توحيد البلاد في إدارة مركزية قوية، كان (عبد العزيز) يرى ضرورة الاستقلال بإدارة مملكته على أن يمد الدعم لحكومة الجزائر باعتباره