غير أن القوات الجزائرية لم تمهل الحامية الإسبانية فوجهت نيران مدافعها إلى معقل (باب البحر) واستمر قصفها له خمسة أيام متوالية، ودافعت الحامية عن مواقعها بثبات وعناد، ونجح المجاهدون في تحديد مكان (مخزن البارود) ووجهوا إليه نيرانهم المحكمة، مما أدى إلى انفجار المخزن بقوة دمرت جدران الحصن، فاندفع المجاهدون بعنف وقوة، وتحولت المعركة إلى اشتباك دموي - بالسلاح الأبيض - وأمكن إبادة القسم الأكبر من الحامية الإسبانية وأسر الباقين منها. وبقيت هناك عقبة كبرى، دون فتح المدينة، هي قلعة (القصر الكبير) الذي كانت تدافع عنه حامية قوية، وكان (القصر الكبير) يشكل في حد ذاته معقلا هائلا مميزا بجدرانه القوية مما جعله المركز الأساسي للمقاومة الإسبانية. وانصرف رجال الحامية الإسبانية ونساؤها وحتى أطفالها وما فيها من عبيد للعمل في الليل والنهار من أجل إقامة جدار دفاعي جديد، لحماية (القصر الكبير) الذي بلغ ارتفاعه (١٥) قدما. وكان
= تستطيع الصمود أمام هذه المدفعية المرعبة التي نصبها (الكلب) ملك الجزائر أمام بجاية، فخلال يومين اثنين، حطم الأتراك بصفة تامة الحصن الإمبراطوري، وسدوا الخنادق، وأصبح من المحال الاستمرار في المقاومة. وصرت أتلقى من رجال الحامية رسائل تسألنا - أنا والمراقب - أن نعمل على إنقاذهم باسم الرب. وقد جمعت مجلسا حربيا مؤلفا من كبار الضباط - ذكر أسماءهم - واتفقوا بأنه لا يمكن المقاومة أكثر من هذا الحد. فكل شيء قد تحطم حتى الأساس، ودمرت الجدران، ... ومن أجل ذلك اتفقنا على تسليم الحصن، وتدمير الأقواس والركائز التي لا تزال قائمة ... ونحن ننتظر مصيرنا، فالأتراك فد صوبوا مدافعهم الآن نحو المدينة ذاتها وهم كثيرون ومسلحون بالبنادق النارية ... نرجوكم رجاء حارا أن تفكروا في أهمية (بجاية) وفي حصونها، فإذا ما تمكن هؤلاء الأتراك الاشقياء دمرهم الله من احتلالها، فإن كل قوى جلالة الملكة لن تستطيع مجتمعة إخراجها منها. وألتمس من سموكم إصدار الأوامر لكي نتلقى من إسبانيا المدد اللازم بأقصى سرعة ممكنه، ولتعتقد سموكم أنني مستعد للموت - كوالدي - في سبيل الله وفي سبيل صاحب الجلالة) ..