أفراد الحامية، يرممون بالليل كل ثلمة تحدثها مدفعية الجزائريين في النهار.
أراد (صالح رايس) الاقتصاد في الجهد، فأرسل رسالة إلى حاكم (بجاية) يطلب إليه الاستسلام (١)، غير أن هذا رفض الإنذار الجزائري. واستمرت المقاومة خمسة أيام أخرى، أخذ بعدها المجاهدون الجزائريون في تسلق جدران الحصن بعد أن ردموا الخنادق المحفورة حوله، وحاولوا اقتحامه بينما كانت المدفعية الجزائرية تتابع قصف الأهداف المعادية. وعندها جمع حاكم (بجاية) وقائد حاميتها الرجال حوله، وتشاور معهم، فأشاروا كلهم بوجوب الاستسلام، ولم يكن عددهم عندئذ يزيد على مائة وعشرين مقاتلا. فأرسلوا إلى (صالح رايس) يعلمونه بقرارهم، فقبل استسلامهم، وبر لهم بوعده السالف رغم أنهم استمروا في القتال ورفضوا الإنذار. وسمح لهم جميعا بالعودة إلى إبسانيا. ودخل الجزائريون المدينة، وقد ارتفع فيها التهليل والتكبير، وأخذوا على الفور بتطهير المساجد وإزالة ما وضعه فيها
(١) أرسل (صالح رايس) رسالة إلى حاكم مدينة بجاية الإسباني، يطلب إليه الاستسلام، وفيها: (أنا ملك الجزائر، أكتب إليك يا حاكم مدينة بجاية - لقد رأيت كيف أن رجالي قد استطاعوا احتلال معقلين من معاقل دفاعكم، ثم إنك ولا ريب تعلم أني قد عقدت العزم بصفة حاسمة على أخذ هذه القلعة التي تدافعون عنها أيضا. ولتعلم أنك لن تتلقى أبدا أدنى إعانة من إسبانيا، لأنني قد أخذت السفينة التي بعثت على متنا من يطلب النجدة، وبما أنه قد اقتربت ساعة سقوط المدينة، وأنك لن تستطيع أصلا النجاة والإفلات من قبضة يدي، فأنا أطلب إليك أن تستسلم، وأن تسلم المدينة لي. وأنا أتعهد لك مقابل ذلك بأنني لن أمسك أنت ولا أي رجل من الرجال الملتفين حولك بسوء. أما إذا استمر بك العناد فلن يكون مصيركم جميعا غير الموت - عليك برد الجواب حالا، مع حامله حسن -) وقد كتبت هذه الرسالة باللغة البرتغالية - المرجع (حرب الثلاثمائة سنة) أحمد توفيق المدني ص ٣٤٧.