الأوروبيين لم يلتحقوا بمراكز عملهم، ويقوم ألوفا من الجند الفرنسيين بدورياتهم في شوارع العاصمة والمدن الجزائرية الهامة، وعزل حي القصبة، وتقوم المصفحات بمراقبة كافة الطرق المؤدية إلى الجزائر، وألقت الطائرات العمودية - الهيليكوبتر - مناشير تدعو الجزائريين إلى مقاطعة الإضراب وتتوعد، بأنه سيجري اعتقال المحرضين وإدانتهم فورا، ولكن الإضراب مستمر في مختلف القطاعات وعلى امتداد التراب الجزائري، ابتداء من (مارني) على الحدود المغربية، إلى (تبيب) على الحدود التونسية).
وكتبت صحيفة (فرانس أوبسرفاتور) في الموضوع ذاته: (... لم يثن الشعب الجزائري ركبتيه - ولم يركع - على الرغم
من طوفان الحديد والنار الذي يغمره منذ سنتين، وإن الاضراب الذي أوعزت به - جبهة التحرير الوطني - لهو البرهان الساطع على ذلك، وإنه لمن غير المتوقع أن يركع هذا الشعب الآن، حتى لو أضفنا مائة أو مائتي ألف إلى عدد ضحايانا).
وكتبت صحيفة (ليبيراسيون) الباريسية: (الجزائريون يمضون في الامتثال الأمر بالإضراب الذي أصدرته - جبهة التحرير الوطني -؛ ففي العاصمة يعد المسلمون الذين غادروا منازلهم على الأصابع، وما تزال كافة المخازن مغلقة، والقطعات الفرنسية ماضية في تنفيذ أوامر (الجنرال ماسو) بتحطيم الأبواب الحديدية - للمتاجر -، ولقد استدعت السلطات عددا من العمال الأوروبيين لتسيير حافلات النقل (الباصات) والحافلات الكهربائية، ولكنها، كما قال مراسل وكالة الأنباء الأمريكية - الأسوشيتد برس - جهدت في أن تخلع على عملهم صفة الحملة النفسانية. هكذا وهنالك عسكريون فرنسيون تجولوا في شوارع القصبة، وحاولوا توزيع