أيلول - سبتمبر - ١٩٥٩ كان مطلبا جزائريا على الدوام. لقد كان حق تقرير المصير هو (كلمة السر) في الحرب الجزائرية، و (الشعار القومي) للشعب الجزائري، ولولا الحساسة الفرنسية لوجب على هيئة الأمم المتحدة حين الإشارة في قراراتها إلى (المفاوضات وحق تقرير المصير) أن توجه نداءها الى فرنسا، والى فرنسا وحدها. فلقد كانت الجزائر تقف دائما، إلى جانب مبدأ المفاوضات، لتجري بصورة أمينة صادقة، والى جانب تقرير المصير يطبق بكل جد وعدالة، ولكن فرنسا هي التي كانت تتخلف مرة، وتنتحل الأعذار مرة أخرى. ولم يكن موقف الجزائر ناجما عن ضعف، فقد كانت تتابع الحرب باستمرار، وتطور استعدادها، وهي تعلن في الوقت ذاته استعدادها للسلام، وكان المجاهدون يحرزون النصر تلو النصر في ميادين الصراع المسلح، في حين كانوا يرفعون في اليد الأخرى غصن الزيتون، وكان ذلك سر قوتهم. ومن أجل ذلك، كان جليا للعيان، أنه حينما أعلنت الحكومة الجزائرية في كانون الثاني - يناير - ١٩٦١، أنها على استعداد لأن تقبل بصورة رسمية الدخول في مفاوضات مع الحكومة الفرنسية، استجابة لقرار الجمعية العامة لهيئة الأمم المتحدة، إنما فعلت ذلك رغبة منها في السلام، وفي الحرية التي تستهدف السلام، ولقد أخذت الحكومة الجزائرية زمام المبادرة، وأدى ذلك الى (مؤتمر إيفيان) الذي عقد في أيار - مايو - ١٩٦١. وكان سرور المحافل الدولية كبيرا إذ اعتقدت أن فرنسا قد تخلت في النهاية عن أسطورة (الجزائر الفرنسية)، غير أن هذا السرور ما لبث أن تحول إلى إحباط عندما فشلت المفاوضات بسبب عودة فرنسا إلى عنادها القديم في موضوع (الصحراء ووحدة التراب الجزائري) وكان حريا بالجنرال (ديغول) الذى ارتبط