اسمه (بشمال أفريقيا) أن يكون أكثر معرفة بالتاريخ والجغرافيا، إن وحدة الجزائر حتمية - كالقدر - وإن سلامتها الإقليمية، بشواطئها وجبالها وصحرائها، حاسمة قاطعة، لا تقبل النقاش أو الجدل، وقد رفضت الجزائر أن تطرح هذه الأمور على مائدة المفاوضات حتى لو أدى ذلك الى أن تصبح الحرب الجزائرية - الفرنسية (حرب المائة عام)(١).
المهم في الأمر، هو أن المفاوضات قد أظهرت بوضوح تام موقف الطرفين (الجزائري والفرنسي) من المفاوضات، ولقد أصدرت الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية، في عشية (مؤتمر إيفيان) أي في يوم (١٩ - أيار - مايو - ١٩٦١) بيانا سياسيا من مقرها في تونس تضمن ما يلي: (ستبدأ المفاوضات في - إيفيان - غدا بين الحكومة الفرنسية والحكومة الجزائرية، وسيحضر وفدنا هذا المؤتمر برغبة أكيدة للوصول إلى حل حاسم للمشكلة التي نشأت منذ - ١٣٠ - عاما، وعلى أمل الوصول الى نهاية للحرب، وقد بات السلام ممكنا إذا ما توفرت الضمانات التي لا بد منها.
إن هدف الاجتماع في (إيفيان) يجب أن يكون تحرير الجزائر تحريرا حقيقيا كاملا، وإن معنى هذا، هو أن الشعب الجزائري يجب أن يجد نفسه متحررا من العبودية، بعد أن أخضع طوال مائة وثلاثين عاما للقانون الفرنسي، قانون الأقوى، وقد قاتل الجزائريون من أجل استقلالهم منذ أن حملوا السلاح في الفاتح من نوفمبر - تشرين الثاني - ١٩٥٤، وحتى يومنا هذا، ولقد استشهد
(١) حرب المائة عام، هي الحرب الفرنسية - الإنكليزية التي استمرت من سنة ١٣٣٧ حتى ١٤٥٣.