من استشهد في سبيل هذا الاستقلال، ولم تبخل الجزائر لتحقيق هذه الغاية بالأرواح والأموال، وقد أصبح عسيرا أن نحصي عدد شهداءنا. وإن كفاح جيش التحرير الجزائري الذي لا يقهر، هو الذي جعل مفاوضات الغد ممكنة، وإن هذه المفاوضات يجب ان تيسر لشعبنا أن يمارس سيادته ممارسة حقيقية، وأن يحقق استقلاله.
إن سياسة الجزائر الخارجية، تهدف إلى إقامة علاقات مثمرة وثابتة مع جميع الشعوب، وبطبيعة الحال مع الشعب الفرنسي، وإن الجزائر قد أغنتها تجارب حرب السبع سنوات، لترغب أن تساهم في بناء السلم العالمي، وأن الجزائر المستقلة مستعدة أن تمد يدها إلى فرنسا، وهي مستعدة كذلك أن تحترم المصالح الإفرنسية التي لا تتعارض مع المصالح الجزائرية. وإنه من طبيعة الأشياء، أن الشعب الجزائري، متحررا من قيود العبودية، ستكون له أحسن العلاقات بالشعب الفرنسي، وسرعان ما تنتهي الحرب، ويتحقق الاستقلال، فإن العلاقات العادية بين الشعبين ليست ممكنة فحسب، ولكنها مرغوب فيها ... وسيكون أمام شعبينا مجال واسع للتعاون الحر. أما بشأن الأقلية الأوروبية، فإننا نأمل أن تفهم هذه الأقلية في الجزائر أننا على أبواب عهد جديد، وأنه ليس لهم ما ينفعهم من ارتباطهم بالاستعمار، وسيكون في الجزائر مكانة مرموقة لكل جزائري، ونحن نتطلع إلى مستقبل مفعم بأمل السلام والتقدم للجزائر. وإذا كانت فرنسا مستعدة بإخلاص أن تقلب صفحة الماضي الاستعماري، بصورة نهائية قاطعة، فنحن مستعدون من جانبنا أن نضمد جراحنا ونتغلب على مشاعر المرارة في نفوسنا).